Thursday, February 11, 2016

الدرس (٥٤) شرح أصول السنة

🌴الدرس (54) لكتاب شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى تأليف الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي حفظه الله، 

 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،

 

🌸حكم من لقي الله بذنب يجب له به النار:

 

🍄المتن : قال المؤلف رحمه الله تعالى : "ومن لقي الله بذنب يجب له به النار؛ تائبا غير مصر عليه، فإن الله يتوب عليه، ويقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات، 

ومن لقيه وقد أقيم عليه حد ذلك الذنب في الدنيا: فهو كفارته، كما جاء في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومن لقيه مصرا غير تائب من الذنوب التي قد استوجب بها العقوبة؛ فأمره إلى الله، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له، 

ومن لقيه وهو كافر عذبه ولم يغفر له. 

ـــــــــــــــ 

يشير الإمام أحمد رحمه الله ، إلى عقيدة أهل السنة في أهل الكبائر الذين لقوا الله بذنب يجب لهم به النار.

 

وأصح ما قيل في تعريف الكبيرة؛

أن الكبيرة: كل ذنب ترتب عليه حد في الدنيا، 

أو وعيد في الآخرة بالنار، 

أو ورد لُعن فاعله، أو الغضب عليه.

 

ومن أمثلة الذنوب التي وجب فيها: حد في الدنيا :

الزنا؛ وفيه الرجم أو الجلد، 

ومثل السرقة فيها: قطع اليد، 

ومثل شرب الخمر: فيه الجلد. 

 

ومثل ما ورد فيه وعيد في الآخرة بالنارأكل مال اليتيم، فقدتوعد عليه بالنار،

كما قال تعالى:🌹 { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ } (النساء 10)، 

ومثل القتل ؛ تُوعِّدَ عليه بالنار، واللعنة، والغضب 

 

وزاد بعضهم في تعريف الكبيرة، فقال: يِدْخُل فيها: من قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم 🍀" ليس منا "، 

كما في حديث🍀 " ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب " (أخرجه البخاري ومسلم)، 

وحديث 🍀" من غش فليس منا " (أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد، كلهم عن أبي هريرة رضي الله عنه)، 

وحديث 🍀" من حمل علينا السلاح فليس منا " (أخرجه البخاري ومسلم) ، 

 

وكذلك أدخل بعضهم في جملة الكبائر: من ورد فيه النص بنفي الإيمان عنه، 

كحديث:🍀 " لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه " (أخرجه البخاري، وفي رواية لمسلم "لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه")،

وحديث🍀 " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " (أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه)

 

فإذا لقي العبدُ الله بذنب يجب له النار ؛ تائبا ؛ غير مصر عليه ؛

فإن الله يتوب عليه ؛ إذا أتى التوبة بشروطها ؛

فإن الله يتوب عليه، ويقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات، 

كما قال الله تعالى: 🌹{ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } (الشورى 25)،

وقال سبحانه وتعالى:🌹 { إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَٰئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا } (النساء 17)،

أي: يتوبون من قريب؛ قبل الموت ، إذا وُجدت الشروط، وهي 

 

💐أولا: أن تكون التوبة لله؛ خالصة لوجهه؛ لأن التوبة عبادة، فلا تكون لقصدٍ آخرٍ .

 

💐ثانيا: أن يُقلع عن المعصية، ويتخلى عنها .

 

💐ثالثا: أن يندم على ما مضى، ويتأسف.

 

💐رابعا: أن يعزم على عدم العود إليها مرة أخرى، 

فإن كان ينوي أن يعود إليها بعد رمضان مثلا، تاب توبة مؤقتة؛ فلا تصح، لا بد أن ينوي عدم العودة إليها. 

 

💐خامسا: أن تكون التوبة قبل الموت؛

لقوله صلى الله عليه وسلم :🍀 "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر " (أخرجه الترمذي وابن ماجه وأحمد وأبو يعلى وابن حبان والحاكم، وصححه الحاكم والذهبي، وحسنه الترمذي، وحسنه الشيخ الألباني)

 

💐سادسا: أن تكون التوبة قبل طلوع الشمس من مغربها في آخر الزمان؛

وفي الحديث :🍀 " أنه لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها " . 

 

💐سابعا: أن تكون التوبة قبل نزول العذاب،

فإذا نزل العذاب فلا توبة؛

قال الله تعالى:🌹 { فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا (غافر 84-85)؛

ففرعون تاب لما أدركه الغرق، لكن لما كانت توبته عند نزول العذاب؛ لم تنفعه هذه التوبة، 

 

قال الله تعالى: 🌹{ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ } (يونس 90) .

فهذا فرعون قال عندما أدركه الغرقُ: آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل، وأنا من المسلمين،

لكنه قالها في وقت لا ينفعُ فيه الإيمان، 

فقال الله تعالى :🌹 { آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ } (يونس 91) ، 

أي: انتهى الأمر لما نزل العذاب ، فلم يَعُدْ إيمانك مقبولاً .

 

-----------------------------

No comments:

Post a Comment