Wednesday, March 23, 2016

الدرس (٦٠) شرح أصول السنة

🌴الدرس (60) لكتاب شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى تأليف الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي حفظه الله، 

 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،

 

🌸النفاق هو الكفر : 

🌸تابع: النوع الأول :

لكن المصيبة العدو الخفي: الذي يظهر الإسلام ويُبطن الكفر يعيش بين المسلمين، 

ويدبر المكائد للقضاء على الإسلام والمسلمين،

ولذلك صار عذابهم أشد؛ في دركةٍ سفلى تحت دركة اليهود والنصارى، 

قال الله تعالى: 🌹{ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} (النساء 145) ،

لأنهم وافقوا اليهود والنصارى، والوثنيين في الكفر، وزادوا في الخداع؛ فزاد عذابهم، 

قال الله تعالى عنهم :🌹 { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللهَّ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ} (البقرة 8) ، 

يعني : يقولونه بألسنتهم فقط ، دون مطابقة ما يقولونه لقلوبهم ،

والحقيقة : 🌹{وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ} (البقرة 8) ، أي بقلوبهم ،

وقال :🌹{ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ۗ } (المنافقون 1)، يعني : هذه الشهادة في الظاهر ، 

ثم قال في آخرها : 🌹{وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} (المنافقون 1) ، في الباطن، 

وكانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم رئيسهم عبد الله بن أُبيّ بن سلول . 

 

ثم بعد ذلك صار يسمى المنافق، بعد الرسول -عليه الصلاة والسلام-: زنديقا، 

الزنديق كلمة فارسية في الأصل، 

وكذلك يطلق الزنديق على الجاحد المعطل، 

ثم صاروا يُسَمَّون في زمننا الآن ب (العلمانيين) ، 

فالعلمانيون هم المنافقون، الذين يعيشون بين المسلمين ،

وهم يدبرون المكائد للقضاء على الإسلام والمسلمين، 

ويتصلون بالكفرة وباليهود، وبالنصارى ، 

ويسعون لنشر الفساد والشر بين المسلمين ،

هؤلاء العلمانيون هم المنافقون، وهم الزنادقة، 

وهم في كل وقت يُوجَدون ، 

ولكن كونهم الآن لا يُظهرون كفرهم ؛ 

فهذا دليل على قوة المسلمين، وقوة أهل الخير، وقوة أهل الصلاح ، فالحمد لله على ذلك .

 

لكن لما كان النبي صلى الله عليه وسلم في مكة ، لم يكن فيها منافقون ؛

لأن الكفار كانوا هم الأقوياء ، وكانوا يظهرون كفرهم، 

لكن بعد غزوة بدر؛ لما أعز الله الإسلام وأهله، ونصر الله نبيه وحزبه، 

وقُتل سبعون من صناديد قريش ، وأُسِرَ سبعون، 

أظهر عبد الله بن أبيّ ومن معه من المنافقين الإسلام وأبطن الكفر؛

خوفاً على أنفسهم ، وأموالهم ..

إذاً : نَجَم النفاق وظهر بعد غزوة بدر ، بعد قوة المسلمين .

 

وكفر النفاق أنواع منها: 

🌱النوع الأول: تكذيب الله في الباطن .

🌱الثاني: التكذيب ببعض ما جاء عن الله عز وجل

🌱والثالث: تكذيب الرسول -عليه الصلاة والسلام-. 

🌱الرابع: التكذيب ببعض ما جاء به الرسول -عليه الصلاة والسلام-. 

🌱الخامس: بغض الله. 

🌱السادس: بغض رسول الله صلى الله عليه وسلم . 

🌱السابع: السرور والفرح بضعف الإسلام والمسلمين، وانخفاض دين الرسول -عليه الصلاة والسلام- فإذا ضعف الإسلام والمسلمين ؛ فرح واستبشر.

🌱الثامن: الكراهية لانتصار الإسلام والمسلمين، 

فإذا انتصر الإسلام والمسلمون ؛ كره ذلك .

 

وإن شئت كما ذكر العلماء  أن تقول: النفاق ستة أنواع : 

تكذيب الله؛ تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ بُغض الله، بغض الرسول، 

المسرة لانخفاض دين الرسول؛ الكراهية لانتصار دين الرسول، هذه ستة أنواع ،

صاحبها في الدرك الأسفل من النار، 

من اتصف بواحد من هذه الأمور الستة ، فهو في الدرك الأسفل من النار؛

تحت اليهود والنصارى ، وهو كافر كفر النفاق الذي هو نوع من أنواع الكفر الأكبر 

 

 

🚫النوع الثاني: كفر الجحود والتكذيب ، كأن يكذب الله ، ويكذب رسوله، 

والأدلة على هذا كما تقدم ؛ 

قوله تعالى :🌹 { إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ۗ } (المنافقون 1)

وقوله :🌹 { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا  بِاللَّه وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ} (البقرة 8) .

 

🚫الثالث : كفر التكذيب والجحود ؛ فيكذِّب ويجحد في الظاهر والباطن، 

فيكون الفرق بينه وبين كفر النفاق، أن الجحود كفر النفاق في الباطن، لا في الظاهر ، 

وأما كفر الجحود والتكذيب فهو جحودٌ وتكذيبٌ في الظاهر والباطن، 

قال الله تعالى: 🌹{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ} (البقرة 8) .

وقال :🌹 {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ ۚ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ} (العنكبوت 68) ،  

 

🚫الرابع : كفر الإباء والاستكبار مع التصديق، 

وهو : أن يقابل أمر الله، أو أمر رسوله بالإباء والاستكبار ،وإن كان مصدقا، مثل كفر إبليس ؛

فهو مصدق لكن قابل أمر الله بالإباء والاستكبار، 

قال الله تبارك تعالى:🌹 {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ} (البقرة 34) .

فمن استكبر عن عبادة الله ، كما استكبر إبليس ؛ فهو كافر .

ومثل ذلك : كفر فرعون ، لأنه مستكبر

كما ذكر الله عنه أنه قال :🌹 {فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ} (المؤمنون 47) ، 

ومنه أيضاً : كفر اليهود كما قال تعالى :🌹 {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ } (البقرة 87) .

 

---------------------------

Wednesday, March 16, 2016

الدرس (٥٩) شرح أصول السنة

🌴الدرس (59) لكتاب شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى تأليف الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي حفظه الله، 

 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،

 

🌸النفاق هو الكفر : 

 

🍄المتن : قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: "والنفاق هو الكفر؛ أن يكفر بالله ويعبد غيره، ويظهر الإسلام في العلانية، 

مثل المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقوله صلى الله عليه وسلم: 🍀"ثلاثٌ من كن فيه فهو منافق" (حديث صحيح: أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأحمد).

هذا على التغليظ نرويها كما جاءت ولا نفسرها، 

وقوله صلى الله عليه وسلم : 🍀"لا ترجعوا بعدي كفارا ضلالا يضرب بعضكم رقاب بعض" (حديث صحيح: أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد). 

ومثل:🍀 "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار" (حديث صحيح: أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد) 

ومثل: 🍀"سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" (حديث صحيح: أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد)  

ومثل:🍀 "من قال لأخيه : يا كافر فقد باء بها أحدهما" (أخرجه البخاري ومسلم والترمذي وأحمد)   

ومثل:🍀 "كفر بالله تبرؤ بالنسب وإن دق" (أخرجه ابن ماجه وأحمد والطبراني في الصغير وحسنه الشيخ الألباني). ونحو هذه الأحاديث مما قد صح وحُفظ ، فإنا نسلم له، وإن لم نعلم تفسيرها، 

ولا نتكلم فيها، ولا نجادل فيها، ولا نفسر هذه الأحاديث إلا مثل ما جاءت، لا نردها إلا بأحق منها" . 

ـــــــــــــــ 

الشرح : 

النفاق: هو مشتق من النافقاء، 

والنافقاء: هي جحر اليربوع الخفي، 

وذلك أن اليربوع له جحران: جحر ظاهر، وجحر خفي، 

فالجحر الظاهر يقال له: القاصعة، 

والجحر الخفي يقال له: النافقاء، 

فله جحر ظاهر يعرفه كل واحد، وله جحر خفي، 

وذلك أنه يحفر في الأرض حتى يخرق الأرض، 

فإذا خرقها وصار جحرا كاملا جعل فوقه تراب لا يعلم عنه أحد، 

فإذا دخل مع جحره القاصع المعروف، ثم جاءه عَدُوٌّ دفعَ برأسه التراب الذي في الجحر الخفي، 

وخرج منه، طلباً للنجاة .

 

فكذلك المنافق له باطن وله ظاهر، 

باطنه الكفر، وظاهره الإيمان، 

وكذلك، النافقاء الذي يحفره اليربوع، ظاهره أنه تراب وباطنه حفر، 

فهذا وجه اشتقاق المنافق من هذه الكلمة . 

 

وأشار بقوله : "والنفاق: هو الكفر هو أن يكفر بالله ويعبد غيره، ويظهر الإسلام في العلانية، 

مثل المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم".
إلى ما يسمى كفر النفاق؛ لأن الكفر أنواع، 

والكفر معناه في اللغة: الستر والتغطية، 

ومنه سمي الزارع كافرا؛ لأنه يستر الحب في التراب، 

قال تعالى : 🌹{يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} (الفتح 29) ، 

وكذلك الكافر سمي كافرا؛ لأنه يستر الحق ويغطيه بكفره وضلاله. 

 

وأما الكفر في الشرع فهو أنواع؛ 

الكفر ينقسم إلى قسمين: كفر أكبر، وكفر أصغر، والمؤلف ذكر النوعين، 

النوع الأول: كفر النفاق وهو الذي ذكره المؤلف، 

وهو أن يكفر بالله ويعبد غيره في الباطن؛ 

يعني، يُظهر الإسلام في العلانية، وأنه يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله؛ 

هذا في الظاهر، لكنه في الباطن مُكَذِّبٌ لله ولرسوله، 

مثل المنافقين الذين كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، كعبد الله بن أبيّ بن سلول. 

فهؤلاء المنافقون الذين كانوا يظهرون الإسلام على عهد النبي النبي صلى الله عليه وسلم، 

ويصلون مع النبي النبي صلى الله عليه وسلم، ويجاهدون؛ 

هم كفرة في الباطن، وإنما فعلوا ذلك حتى تسلم دماءهم وأموالهم؛ 

لأنهم لو أظهروا الكفر لقُتِلوا وأخذت أموالهم. 

 

والنفاق إنما يوجد إذا قوي الإسلام؛ 

لأنه عند ضعف الإسلام يُظْهِرُ الكفار كفرهم ولا يبالون، 

لكن إذا خافوا من المسلمين أخفوا كفرهم ونفاقهم. 

🌻فالمنافق تعريفه: هو الذي يُظهر الإسلام ويُبطن الكفر، 

والله تعالى ذكر في أول سورة البقرة، ثلاثة أصناف: 

الصنف الأول: المؤمنون ظاهرا وباطنا، ذكرهم في أربع آيات:

🌹{ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ }(البقرة 3) ،

إلى قوله:🌹 { أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(البقرة 5)،

ثم ذكر الكفار في الظاهر والباطن في آيتين في قوله :

🌹{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}(البقرة 6) ، 

وقوله : 🌹{ خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ }(البقرة 7) ، 

ثم ذكر المنافقين الذين هم كفار في الباطن، ومسلمون في الظاهر، في ثلاث عشرة آية، 

وجَلَّى أوصافهم وبَيَّنَ خُبثهم وشرهم؛ 

لأنهم يعيشون بين المسلمين، وهم يدبرون المكائد للقضاء على الإسلام والمسلمين. 

 

فذكر من أوصافهم: أنهم يقولون:🌹 { آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ}(البقرة 8) ، أي في الظاهر: 

🌹{ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ}(البقرة 8) ، أي في باطن الأمر وحقيقته.

ومن أوصافهم الخداع، كما قال تعالى : 🌹{ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا}(البقرة 9) ، 

ومن أوصافهم أنهم:🌹 { وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا}(البقرة 14) ، يعني: أظهروا الإيمان:

🌹{ وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ } (البقرة 14) ، أي أظهروا الكفر، 

ومن أوصافهم أنهم يسمون الإيمان سَفَهاً، ويصفون المؤمنين بالسفه، 

ومنها : استهزاؤهم بالمؤمنين، ومنها أن الله تعالى ذكر لهم مثلا مائيا ومثلا ناريا:

🌹{ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا} (البقرة 17) ، هذا مثل الناري:

🌹{ أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ}(البقرة 19) ، هذا مثل المائي، 

والله تعالى ذكر المنافقين، فقال تعالى : 🌹{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (البقرة 204) ،

وذكر في سورة النساء، وفي سورة التوبة كثيرا من أوصافهم وجَلاَّهَا ، 

ولَمَّا جعل يذكر أوصافهم بقوله : {ومنهم}، و{منهم}، و{منهم}،  

خشي المنافقون أن يسموا بأسمائهم. 

وكذلك ذكر الله أوصافهم في سورة محمد، بل في القرآن سورة خاصة سُمِّيَتْ باسمهم، وهي "سورة المنافقين"؛ 

لعظم ضررهم على الإسلام والمسلمين؛ ولأنهم عدو خفي، 

فالعدو الظاهر الذي ظاهره وباطنه الكفر، تأخذ حذرك منه؛ 

لأنك تعرف أنه يهودي ، أو نصراني ، أو وثني، أو شيوعي؛ فتأخذ حذرك منه.

 

-----------------------------------