Thursday, October 30, 2014

🌴الدرس (6) شرح أصول السنة

🌴 كتاب شرح أصول السنة
للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى
تأليف الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي حفظه الله، 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،

🌸السنة اللازمة 

🍄المتن: ومن السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة لم يقبلها ويؤمن بها لم يكن من أهلها: الإيمان بالقدر خيره وشره، والتصديق بالأحاديث فيه، والإيمان بها، لا يقال: لم ولا كيف، إنما هو التصديق والإيمان بها، ومن لم يعرف تفسير الحديث ويبلغه عقله فقد كُـفِيَ ذلك وأُحكِمَ له، فعليه الإيمان به والتسليم له، مثل حديث الصادق المصدوق. 
ـــــــــــــــ 
🍄يقول المؤلف رحمه الله: "من السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة لم يقبلها ويؤمن بها لم يكن من أهلها: الإيمان بالقدر خيره وشره" 
🌳أي: من السنة اللازمة التي يجب على الإنسان أن يؤمن بها،ويكون من أهلها، 
والتي إذا ترك الإنسان منها خصلة ولم يقبلها:
لم يكن من أهلها؛ الإيمان بالقدر خيره وشره.

🌳معناه: أن الإيمان بالقدر أصل من أصول الإيمان الستة التي من لم يؤمن بها أو جحد واحدًا منها،
فإنه يخرج من دائرة الإيمان ويكون من الكافرين.

🍂وأصول الإيمان الستة هي: "الإيمان بالله، والثاني الإيمان بالملائكة، والثالث الإيمان بالكتب المنزلة، والرابع الإيمان بالرسل، والخامس الإيمان باليوم الآخر، والسادس الإيمان بالقدر خيره وشره "
🌻هذه الأصول الستة جاءت في الكتاب والسنة، 
وأجمع عليها المسلمون، وآمن بها جميعُ الأنبياء والمرسلين، 
ولم يجحد شيئًا منها إلا من خرج عن دائرة الإسلام وصار من الكافرين. 

وهذه الأصول دل عليها كتاب الله، 
كما قال تعالى :🌹{ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ}(البقرة 285)،
وقال تعالى: 🌹{ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ}(البقرة 177)،
فهذه خمسة أصول ذُكرت في هذه الآية، 

وذُكر الإيمانُ بالقدر في قوله تعالى:                      
🌹{إنَّا كلَّ شيءٍ خلقناه بقدر}(القمر 49)،
وقوله:🌹 {وخلق كلَّ شيءٍ فقدره تقديراً}(الفرقان 2)،

وقال سبحانه وتعالى:🌹 {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِوَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا }(النساء 136)،
🌱فجعل الكفر هو: الكفر بهذه الأصول؛
🌾فدل على أن الإيمان هو: الإيمان بهذه الأصول. 

🍀ومن السنة على هذه الأصول: حديثُ جبرائيل في مجيئه للنبي صلى الله عليه وسلم، الذي رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حينما جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم في صورة رجل، شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، 
حتى جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأسند ركبتيه إلى ركبتيه، 
ووضع كفيه على فخذيه، 
ثم سأل عن الإسلام، 
ثم سأل عن الإيمان، 
ثم سأل عن الإحسان، 
ثم سأله عن الساعة، 
ثم سأله عن أماراتها، 
فلما ولى قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أتدرون من السائل؟"
قالوا: الله ورسوله أعلم، 
قال: "هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم"،  
فجعل الدين ثلاث مراتب: الإسلام، ثم الإيمان، ثم الإحسان. 
والشاهد أنه لما سأله عن الإيمان قال: 🌻(الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره).

💐إذًا الإيمانُ بالقدر أصلٌ من أصول الإيمان؛ فمن لم يؤمن بالقدر فليس بمؤمن. 

💐والإيمان بالقدر يتضمن الإيمان بمراتبه الأربع وهي: 
العلم، والكتابة، والمشيئة والإرادة، والخلق والإيجاد، 
هذه مراتب القدر الأربع التي من لم يؤمن بها لم يؤمن بالقدر؛
"العلم، والكتابة، والمشيئة والإرادة، والخلق والإيجاد". 

🌻فالإيمان بالمرتبة الأولى وهي العلم، 
يشمل الإيمان بعلم الله الأزلي الماضي الذي ليس له بداية؛ 
لأن الله تعالى هو الأول الذي لا بداية لأوليته، 
كما أنه الآخر الذي لا بداية لآخريته.

🌳فالإيمان بعلم الله الأزلي معناه: أنه كما علم بالأشياء في الأزل، 
فكذلك: يعلم الأشياء الحاضرة والمستقبلة،
فالله تعالى علم الأشياء في الأزل قبل كونها، 
ويعلم ما لم يكن، لو كان كيف يكون؛

قال تعالى عن الكفار لما سألوا الرجعة إلى الدنيا:🌹{وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28)}(الأنعام 28)،
فعَلِمهُ بأنهم لو رُدوا لعادوا لما نهوا عنه، هذا دليل على علم الله بما لم يكن، لو كان كيف يكون، 

وقوله تعالى: 🌹{وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْ ۖ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَّهُم مُّعْرِضُونَ}(الأنفال 23)،
أخبر بما لم يكن لو كان كيف يكون. 

وكذلك قوله عن المنافقين: الذين تخلفوا عن عزوة تبوك:🌹 {وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ (46) لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47) }(التوبة 46،47)،
هو من هذا الباب، فهذه المفاسد المترتبة على خروج المنافقين مع أنها لم تقع، لكن الله علمها، 
فكان من حكمته أن منعهم من المخروج، وثبطهم؛ لئلا تحصل هذه المفاسد.

🌸المرتبة الثانية: الكتابة؛ 
🌳أي: الإيمان بالكتابة، وأن الله كتب كل شيء في اللوح المحفوظ؛
الذوات، والصفات، والأفعال، والحركات، والسكنات، والأرزاق، والأعمال، والأخلاق، والسعادة، والشقاوة، والفقر، والغنى،والإعزاز، والإذلال، والحياة، والموت، حتى العجز والكيس؛ فكل شيء مكتوب. 

ودل على هذه المرتبة أدلة، 
قال الله تعالى:🌹 {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۗ إِنَّ ذَٰلِكَ فِي كِتَابٍ}(الحج 70)
🍁والمراد بالكتاب: اللوح المحفوظ، 

وقال تعالى:🌹 { مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ }(الحديد 22)
🍁أي: اللوح المحفوظ،

قال تعالى:🌹 {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ﴿١٠٥﴾}(الأنبياء 105)
فالذكر في هذه الآية، 🍁هو اللوح المحفوظ، 

وقال عليه الصلاة والسلام: 🍀"وكتب في الذكر كل شيء"                                                                
🍁وهو اللوح المحفوظ، 

وقال سبحانه وتعالى: 🌹{وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ }(يس 12)
والمراد بالإمام المبين: 🍁اللوح المحفوظ، 
                                                                                             
وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه الإمام مسلم،
من حديث عبد الله بن عمرو: 🍀"كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، 
وقال: وعرشه على الماء".

وقال عليه الصلاة والسلام، فيما ثبت عنه: 🍀"أن أول ما خلق الله القلم قال له اكتب، قال: يا رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة".  
وفي لفظ:🍀 "فجرى في تلك الساعة ما هو كائن إلى يوم القيامة" . 

🍂فهاتان المرتبتان من لم يؤمن بهما: لم يؤمن بالقدر، 
وهاتان المرتبتان أنكرتهما طائفة القدرية الأولى الذين ظهروا في عصر الصحابة، 
فكفرهم الصحابة، ابن عمر وغيره؛ 
لأنهم نسبوا الله إلى الجهل، 
لكن هؤلاء انقرضوا وانتهوا، 
وهم الذين قال فيهم الإمام الشافعي -رحمه الله- وغيره: 
(ناظروا القدرية بالعلم، فإن أقروا به خُلِصُوا، وإن أنكروه كفروا). 
--------------------------
🌸السنة اللازمة 
(1) ما معنى: "من السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة لم يقبلها ويؤمن بها لم يكن من أهلها: الإيمان بالقدر خيره وشره" 
(2) ما هي أصول الإيمان الستة؟ وأين جاءت؟ ومن جحد بها؟
(3) اذكري الآية التي تضمنت خمسة أصول؟
(4) اذكري الآيات التي دلت على القدر؟
(5) أذكري الآية التي فجعل الله الكفر هو الكفر بهذه الأصول.
(6) دل على أن الإيمان هو ماذا؟
(7) اذكري من السنة على هذه الأصول؟
(8) حديث جبريل جعل الدين كم مرتبة؟ وما هو الشاهد؟
(9) هذا يدل على أن الإيمان بالقدر ماذا؟
(10) الإيمان بالقدر يتضمن ماذا؟ ومن لم يؤمن بها يعتبر ماذا؟
(11) الإيمان بالمرتبة الأولى وهي العلم، يشمل ماذا؟
(12) الإيمان بعلم الله الأزلي معناه ماذا؟
(13) ماذا قال تعالى عن الكفار لما سألوا الرجعة إلى الدنيا؟هذا دليل على ماذا؟
(14) اذكري أدلة لما أخبر تعالى بما لم يكن لو كان كيف يكون.
(15) ما هي المرتبة الثانية؟ وما معناها؟ مع ذكر الأدلة من الكتاب والسنة؟ وما المراد؟
(16) هاتان المرتبتان من لم يؤمن بهما ما حاله؟
(17) من أنكر هاتان المرتبتان؟ وماذا فعل الصحابة؟ ولماذا؟
(18) هل هؤلاء موجودون اليوم؟
(19) ماذا قال فيهم الإمام الشافعي -رحمه الله- وغيره؟
----------------------------

Thursday, October 23, 2014

🌴الدرس (5) شرح أصول السنة

🌴كتاب شرح أصول السنة
للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى
تأليف الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي حفظه الله، 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،

🌸معنى السنة وعلاقتها بالقرآن 

🍄والسنة عندنا آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم، والسنة تفسر القرآن،وهي دلائل القرآن،
وليس في السنة قياس، ولا تضرب لها الأمثال، ولا تدرك بالعقول ولا الأهواء، إنما هو الاتباع وترك الهوى.
---------------------------
🍄يقول المؤلف - رحمه الله - وهو الإمام أحمد: "السنة عندنا آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم" .
🌳والآثار: هي أقواله وأفعاله وتقريراته، 
ما أُثر عنه عليه الصلاة والسلام من قول أو فعل أو تقرير، فهذه هي السنة.

🍄وقوله: "والسنة تفسر القرآن وهي دلائل القرآن"، 
🌳أي: السنة تفسر القرآن وتوضحه، 
فإذا كان الدليل من القرآن مُجملاً، فالسنة تفصل هذا المجمل، 
وإذا كان مُبهماً فالسنة توضحه، 
وإذا كان عاماً فالسنة تخصصه؛ 

فالسنة لها مع القرآن ثلاثة أحوال: 
🍁الحالة الأولى: أن تأتي السنة بأحكام تُماثل الأحكام التي جاءت في القرآن؛
فهذا من باب تناصر الأدلة وتضافرها. 

فمثلًا: 🌱أوجب الله في القرآن الصلاة، وجاء في السنة وجوب الصلاة، 
🌱وأوجب الله في القرآن الزكاة، وجاء في السنة وجوب الزكاة، 
🌱وأوجب الله في القرآن صيام رمضان، وجاء في السنة وجوب صيام رمضان، 
🌱وأوجب الله في القرآن وجوب الحج، وجاء في السنة وجوب الحج، 
🌱وأوجب الله في الكتاب بر الوالدين، وجاء في السنة بر الوالدين، 
🌱وجاء في الكتاب صلة الأرحام، وجاء في السنة صلة الأرحام، 
فهذا – كما سبق - من باب تضافر الأدلة وتناصرها.
فأتت – كما في الأمثلة المتقدمة - السنةُ بأحكامٍ مثل الأحكام التي أتت في القرآن. 

🍁الحالة الثانية: أن يأتي القرآن بأحكام مُجملة، أو أحكام مطلقة، أو أحكام عامة،
فتأتي السنة بأحكام تبين المجمل، 
وبأحكام تقيد ذلك المطلق، 
وبأحكام تخصص ذلك العام، 
فتكون السنة مخصصة للعمومات التي جاءت في القرآن؛ 

مثل قوله سبحانه وتعالى:🌹 {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم}(آل عمران 173)
فالمراد من لفظ الناس في قوله: 🌹{قال لهم الناس} الكُفار، وهو لفظ عام، 
والمراد من لفظ الناس في قوله:🌹 {الذين قال لهم الناس} المؤمنون. 

وكذلك – كما أشرنا – أنَّ الحكم قد يأتي في القرآن مجملاً أو مطلقاً،
فتأتي السنة، فتبينه، أو تقيده، وفي كتب أصول الفقه أمثلة في ذلك.

🍁النوع الثالث: أن تأتي السنة بأحكام جديدة ليست في القرآن،
فيجب في هذه الحالة العمل بها، 
مثل: تحريم الجمع بين المرأة وعمتها، 
وتحريم الجمع بين المرأة وخالتها، 
فهذا الحكم ليس في القرآن، 
فلا يجوز للرجل أن يتزوج المرأة وعمتها، أو المرأة وخالتها، 
قال النبي صلى الله عليه وسلم:🍀 "لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها"(أخرجه البخاري ومسلم والنسائي)،
🍀"إنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم" (زيادة حسنة أخرجها الطبراني وابن حبان)

ومما جاء في السنة من المحرمات التي ليست في القرآن،تحريم 🍀 "كل ذي ناب من السباع"(أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي) ، 
وتحريم 🍀"كل ذي مخلب من الطير"(أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وأحمد)،

فهذا ليس في القرآن تحريمه نصاً، لكن يجب العمل به،

ومن الأمثلة ما جاء في السنة من العقل الديات كقوله: 🍀"ولا يقتل مسلم بكافر" وهكذا؛ 
🍄ولهذا قال الإمام - رحمه الله- "والسنة تفسر القرآن وهي دلائل القرآن"؛ يعني: أنها تدل عليه. 

🌳ومعنى قوله: "وليس في السنة قياس، ولا تضرب لها الأمثال، ولا تدرك بالعقول ولا الأهواء،
إنما هو الاتباع وترك الهوى" 
🌳أي: ليس في السنة قياس تقيس فيها شيئا على شيء. 

أما القياس الشرعي الذي يستند إلى النصوص، فهذا ليس من الأقيسة العقلية، 
فالمراد هنا ما يُسمى بالقياس العقلي، 

أما القياس الشرعي فلا مانع منه، كأن يُقال: جاء الشرعُ بتحريم الربا – مثلًا - في البُر،                                                               فيأتي الفقيه ويقيس عليه الأرز، فيقول الأرزُّ كالبُرِّ في هذا الباب، 
بجامع الطعم في كل منهما، أو بجامع الادخار، أو بجامع الكيل والوزن، 
فهذا قياس شرعي، وليس داخلاً في قوله: "ليس في السنة قياس"
لأنه يعني به: القياس العقلي، لا الشرعي.

فالسنة ليس فيها قياس، فلا يقاس فيها بالعقول بالمعنى الذي شرحناه. 

وإليه أشار بقوله🍄 "ولا تضرب لها الأمثال، ولا تُدرك بالعقول، ولا الأهواء،
إنما هو الاتباع وترك الهوى". 

🌻جاء عن الأوزاعي - رحمه الله- أنه قال: (عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوا لك بالقول)
هذا رواه الآجري في الشريعة بإسناد صحيح كما قال مُحققالكتاب.

🌻وقال أبو محمد الحسن بن علي بن خلف البربهاري، إمام أهل السنة والجماعة في عصره:
(واعلم رحمك الله أنه ليس في السنة قياس، ولا تضرب لها الأمثال، 
ولا تتبع فيها الأهواء، بل هو التصديق بآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم،
بلا كيف ولا شرح، ولا يقال: لم ولا كيف)

وسيأتي كلام الإمام أحمد في تفسير: ولا يقال: لم؛ أي: لا يقال: لم – يعني - في الأفعال؛ 
مثل: لِمَ فعل الله كذا؟ 
ولا يقال: كيف في الصفات؟ 
أي: لا يقال: كيفية صفات الله كذا، وكيفية الاستواء كذا. 
وهكذا في سائر صفاته؛
لا يقال فيها: كيف؟ ولا يسأل عن الصفات بكيف؟ ولا يسأل عن الأفعال بلم؟ لا يقال: لم؟ ولا كيف؟

فحاصل ما تقدم: 🌷أن الكلام والخصومات والجدال والمراء في الدين: مُحدَث؛ 
لأنه يقدح الشكَ في القلب؛ 
فلهذا ينبغي ترك الخصومات والجدال؛ 

فالسنة ليس فيها قياس عقلي، وليس فيها جدال، 
ولا تُضرب لها الأمثال، ولا تُدرك بالعقول والأهواء، 
إنما هو الاتباع - اتباع الدليل
🌳أي: الكتاب والسنة - وترك الهوى؛
🌳أي: ما يهواه الإنسان ويميل إليه، وما يوافق عقله وهواه،ومما يُبتدع في دين الله. 
والله أعلم.
-------------------------
🌸معنى السنة وعلاقتها بالقرآن .
(1) ما معنى الآثار؟
(2) ما معنى "والسنة تفسر القرآن وهي دلائل القرآن"، 
(3) كم حالة السنة لها مع القرآن؟ فصِّلي مع ذكر الأمثلة
(4) ما معنى قوله: "وليس في السنة قياس، ولا تضرب لها الأمثال،ولا تدرك بالعقول ولا الأهواء، إنما هو الاتباع وترك الهوى"  
(5) ما الفرق بين القياس العقلي والشرعي؟
(6) اذكري أقوال : الأوزاعي، والبربهاري ، 
(7) لماذا الكلام والخصومات والجدال والمراء في الدين: مُحدَث؟ وماذا يجب تجاهه؟
(8) أكملي: فالسنة ليس فيها ...............، وليس فيها .............، 
ولا تُضرب لها ...........، ولا تُدرك بـ...........و..............، 
إنما هو الاتباع - اتباع ..............
أي: ..........و............ وترك الهوى؛
(9) ما معنى ترك الهوى؟ 
-----------------------------

Thursday, October 16, 2014

🌴الدرس (4) شرح أصول السنة

🌴كتاب شرح أصول السنة
للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى
تأليف الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي حفظه الله، 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،
                                                                                         
🌸المقصود بأصول السنة:

أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهم وترك البدع، 
وكل بدعة فهي ضلالة، وترك الخصومات والجلوس مع أصحاب الأهواء وترك المراء والجدال والخصومات في الدين، والسنة عندنا.
---------------------------
الشرح:
🌱الأصول جمع أصل، وهو ما يبنى عليه غيره، 
فالأصول التي تنبني عليها السنن: 
التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بهم، وترك البدع. 

وقول الإمام أحمد: "هذه أصول السنة عندنا" معناه: أننا معشر أهل السنة، 
أصول السنة عند الأئمة والعلماء: التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بهم وترك البدع. 
                                                                                             
فالصحابة رضوان الله عليهم، هم أفضل الناس، لا كان ولا يكون مثلهم، 
والصحابة جمع صحابي، 
🍂والصحابي هو: من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنًا، ومات على الإسلام، 
هذا أصح ما قيل في تعريف الصحابي. 
أنه: من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنًا ولو لحظة، ثم مات على الإسلام.
وهذا أولى من قول: مَن قال في حدِّ الصحابي أنه: "من رأى النبي صلى الله عليه وسلم" 

فالتعبير الأول أصحّ؛ ليدخل فيه العميان، كعبد الله ابن أم مكتوم، 
فإنه لقي النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه لم يره؛ لأنه أعمى، فهو صحابي، 
لذلك كان التعبير بلقي أولى من التعبير برأى.

فكل من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنًا، - ولو لحظة - ومات على الإسلام، فهو صحابي، 
ويشمل ذلك صغار الصحابة، وأطفالهم، الذين حنَّكهم النبي صلى الله عليه وسلم؛ فهم صحابة أيضاً.

والصحابة يتفاوتون؛ ويختلفون في الصحبة يختلفون، كما سيبين المؤلف رحمه الله، 
فالذي طالت صحبته أفضل ممن لم تطل صحبته، 
والأعراب الذين رأوا النبي صلى الله عليه وسلم وآمنوا ليسوا كالصحابة الذين لازموا النبي صلى الله عليه وسلم سنين وأشهراً، فكلٌّ له نصيبه،وكلٌّ له حظه من الصحبة، لكن يجمعهم وصْفُ الصُّحبة.

🍃ومزية الصحبة خاصة بالصحابة لا يلحقهم من بعدهم من التابعين والأئمة.
فصحبة النبي صلى الله عليه وسلم وسماع كلامه، والجهاد معه؛
هذه مزية خاصة للصحابة لا لغيرهم، 
حتى لو فاق بعض التابعين الصحابة مثلًا في العبادة، فإنه لا يستطيع أن يصل إلى مرتبة الصحبة، فالصحية مزية خاصة، 

ولهذا لما أراد بعض الناس أن يقارن بين عمر بن عبد العزيز، ومعاوية بن أبي سفيان. 
عمر بن عبد العزيز الورع العادل المعروف  بذلك، ومعاوية الصحابي الجليل، 

قال بعض أهل العلم: الغبار الذي دخل في أنف معاوية في جهاده مع النبي صلى الله عليه وسلم، يُعدل بورع عمر بن العزيز. 
نعم؛ عمر بن عبد العزيز له فضله، وله مزيته، لكن لا يلحق مرتبة الصحبة؛
الصحبة مزية خاصة للصحابة، فلا كان ولا يكون بعدهم مثلهم، 
ولا يمكن أن يلحقهم من بعدهم أبدًا. 

🍂ولذلك الصحابة كلهم عدول، فلا ينبغي البحث في عدالتهم، 
أما من بعدهم فلا بد من البحث عن عدالتهم،
هل هم عدول أو ليسوا عدولاً،
هل هم ثقات أو ليسوا ثقات؟ 
هل هم ضابطون أو ليس كذلك؟
فكل واحد من رواة الحديث يبحث عنه الأئمةُ، وسواء أكان من التابعين فمَن بعدهم. 
وأما الصحابة فكلهم عدول، لا يُبحث عنهم، رضي الله عنهم وأرضاهم. 

وقد تقدم تعريف الأصل، عند شرح قول الإمام أحمد رحمه الله: "أصول السنة عندنا".

🌿أما السنة فهي: ضدّ البدعة، 
والبدعة هي: الحدث في الدين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: 
🍀"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"؛  
فكل حدثٍ في الدين؛ فهو بدعة. 

🌾والسنة: ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قولًا أو فعلًا أو تقريرًا، 
وقد تكون السنة واجبة، وقد تكون السنة مستحبة، وقد تكون فرضاً وأصلاً، 
فالسنة: ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول، أو فعل، أو تقرير. 

فأصول سنة الرسول عليه الصلاة والسلام - التي هي قوله وفعله وتقريره -:
التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بهم، وترك البدع.

🌿والتمسك معناه: لزوم الشيء والتشبث به، وأخذه بقوة، وعدم تركه أو التهاون به، 
ومعناه هنا: التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بهم، بأن تحذوا حذوهم، وتفعل مثل فعلهم، وتقول مثل قولهم، وتعمل مثل عملهم.

وقوله: "ترك البدع" ، البِدَعُ: جمع بدعة، وهي الحدث في الدين،
والمعنى: أن من أصول الدين عندنا أيضاً: تركُ كل حَدَثٍ في الدين؛

ولهذا قال الإمام أحمد: "وكل بدعة ضلالة"، 
والأصل أن : هذا جزءٌ من حديث العرباص بن سارية رضي الله عنه؛ 
قال: "صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ذات يوم، ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة؛ ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب،
فقال قائل: يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع فأوصنا - وفي لفظ: فماذا تعهد إلينا؟- 
فقال: "أوصيكم بتقوى الله"؛ يعني: الزموا تقوى الله. وتقوى الله خشيته، وخوفه، ومراقبته. 

🌻وأصل التقوى: توحيد الله وإخلاص الدين لله.
🍀"أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة"؛ يعني: السمع والطاعة لولاة الأمور.
"وإن عبدًا حبشيًا" - وفي لفظ "وإن أُمِّرَ عليكم عبدٌ حبشي"،
"فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة".
وهذا حديث صحيح رواه عدد من الأئمة، 
رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن أبي عاصم في السنة، وأبو داود والترمذي وابن ماجه، والحاكم والآجري في الشريعة والطبراني وغيرهم كما ذكر محقق هذه الرسالة عمرو بن عبد المنعم سليم. 

فالإمام أحمد - رحمه الله - يقول: أصول السنة عندنا:
التمسك بما كان عليه أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهم،وترك البدع، 
ثم قال: وكل بدعة فهي ضلالة. 

🌻وأشار بقوله: "وترك الخصومات في الدين" هذا أصل من أصول السنة، 
وهو: ترك الخصومات في الدين، 
الخصومات جمع خصومة، وهي الجدال والنزاع، 
والمعنى: لا تجادل ولا تخاصم في الدين ولا تمار، فالدين ليس فيه خصومات، 
وأصل الدين هو: ما يدين الإنسان به ربه من العبادات، 
والعباداتُ التي يدين بها الإنسان ربه توقيفية؛
مأخوذة من الكتاب والسنة، فلا مجال للجدال فيها، 
فما ثبت في الكتاب والسنة فهو من الدين ومن العبادة،
لذلك: فإن خاصمك وجادلك فيه أحدٌ؛ أو إذا تخاصم الناس وتنازعوا،
فإن هذا النزاع يُرد إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ 
لقول الله عز وجل في كتابه العظيم: 🌹{فإن تنازعتم في شيءٍ فردوه إلى اللهِ والرسولِ إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر} (النساء 59)
وحينئذ تزول الخصومة، برد هذه الخصومة؛ وهذا النزاع إلى الله وإلى الرسول صلى الله عليه وسلم. 

🌱والرد إلى الله هو: الرد إلى كتابه، 
🌱والرد إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، هو: الرد إليه في حياته، 
والرد إلى سنته بعد وفاته عليه الصلاة والسلام، 
وقال تعالى:🌹 {وما اختلفتم فيه من شيءٍ فحكمه إلى اللهِ} (الشورى 10)
فلا خصومات في الدين. 

*********************
🌸المقصود بأصول السنة:

(1) ما هي الأصول؟
(2) ما هي أصول السنة عند الأئمة والعلماء؟
(3) ما هو أصح ما قيل في تعريف الصحابي؟ ولماذا؟ وماذا يشمل؟
(4) كيف يتفاوت ويختلف الصحابة في الصحبة؟
(5) ما هي مزية الصحبة؟
(6) اذكري المقارنة بين عمر بن عبد العزيز ومعاوية بن أبي سفيان. 
(7) هل الصحابة ومن بعدهم كلهم عدول؟ 
(8) عرفي السنة؟ والبدعة؟ مع ذكر الدليل
(9) ما معنى التمسك؟
(10) ما معنى قوله: "ترك البدع"؟
(11) اذكري حديث العرباص بن سارية رضي الله عنه؟
(12) ما معنى تقوى الله؟ وما أصلها؟
(13) ما معنى "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة"؟
(14) ما معنى الخصومات؟
(15) ما هو أصل الدين؟
(16) ما معنى أن العباداتُ التي يدين بها الإنسان ربه توقيفية؟ فصِّلي مع ذكر الدليل
(17) كيف يكون الرد إلى الله وإلى الرسول صلى الله عليه وسلم؟ مع ذكر الدليل

**********************

Thursday, October 9, 2014

🌴الدرس (٣) شرح أصول السنة

🌴الدرس (3) لكتاب شرح أصول السنة
 للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى
 تأليف الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي حفظه الله،

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،

🌸تابع المقدمة
هذه أنواع العلم، قال العلامة ابن القيم - رحمه الله-:
وَالعِلـمُ أقسَــامُ ثَلاَثٌ مَـا لَهَـا 
         مِـن رَابِـعٍ وَالحَـقُّ ذُو تِبيَــانِ                                                                                                                     عِلـمٌ بِأوصَـافِ الإِلَــهِ وَفِعلِـهِ 
         وَكَــذَلِكَ الأســمَاءُ لِلرَّحــمَنِ                                                            
 وَالأمــرُ وَالنَّهيُ الذِي هُوَ دِينُـهُ
          وَجَـزَاؤهُ يَـومَ المَعَــادِ الثَّـانِي
🌱هذه أوصافه وأفعاله.

..................   وَكَــذَلِكَ الأســمَاءُ لِلرَّحــمَنِ
🌾هذا العلم الأول.

وَالأمــرُ وَالنَّهيُ الذِي هُوَ دِينُـهُ.   .............. 
🌾هذا الثاني.

...................  وَجَـزَاؤهُ يَـومَ المَعَــادِ الثَّـانِي
🌾هذا الثالث.

فهذه هي أقسام العلوم، 🌳أي: العلوم الشرعية،
وما عدا ذلك فإنها علوم دنيوية،
كعلم الطب، وعلم الفلك، وعلم الطبيعة، وعلم الزراعة، وعلم الصيدلة،
وكذلك سائر العلوم، كعلم الإدارة، وعلم السباكة، وعلم النجارة، وعلم الحدادة،
إلى غير ذلك من العلوم.

وهذه العلوم الدنيوية، هي فرض كفاية،
إذا أحسن الإنسان النية في تعلمها، فله أجر وله ثواب،
وإن قصد الدنيا فلا بأس، فهي علوم دنيوية، يتعلمها الإنسان حتى يتكسَّب ويتعيَّش بها،
وتكون له حرفة يقتاتُ بها، ويعف نفسه عن السؤال، وينفق على من يَعُول،
🍃فأنت إذا حسَّنت نيتك، وقصدتَ بذلك أن تكسب المكسب الشرعي لنفسك، وتنفق على نفسك وأهلكن فلا بأس،
🍃وإن زدتَ على هذا ونويت بذلك: أن تغني المسلمين عن الحاجة إلى غيرهم من الكفار،
فأنت مأجور بهذه النية.

🍂لكن العلم الشرعي لا يجوز أن تتعلمه لأجل الدنيا،
وأن تقصد به الدنيا،
لأن هذه علوم الآخرة، فعلوم الشريعة، تُتَعَلَّمُ لله، تتعبد لله،
فإن تعلمت لأجل الدنيا، فيتناولك الوعيد الشديد، المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم:
🍀"من تعلم علمًا مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة"
وإنما كان ذلك الوعيد؛ لأنك قصدت بهذه العبادة الدنيا وحطامها،
والله تعالى يقول في كتابه العظيم: 🌹{من كان يُريد الحياةَ الدنيا وزينتها نوفِّ إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يُبخسون(15) أولئك الذي ليس لهم في الآخرة إلا النار  وحبط ما صنعوا فيها وباطلٌ ما كانوا يعملون(16)}(هود)

فرقٌ بين علوم الآخرة وعلوم الدنيا،
وفرقٌ بين العلم الشرعي والعلم الدنيوي، كما تقدَّم تفصيله.

🍂العلم الدنيوي لا بأس أن تتعلمه لأجل الدنيا،
لكن إن زدت وصار لك نية بأن تفيد المسلمين وتغني المسلمين عن الحاجة إلى الكفرة وغيرهم فأنت مأجور،
🍂لكن علوم الشريعة لا يجوز أن تتعلم لأجل الدنيا أبدًا،
بل ما جاءك من الدنيا يكون وسيلة، وسيلة معينة على تعلم العلم الشرعي.

ونسأل الله أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح،
ونسأله أن يوفقنا للعمل الصالح الذي يرضيه،
ونسأله سبحانه وتعالى أن يصلح قلوبنا وأعمالنا ونياتنا،
ونسأله أن يعيذنا من الرياء والسمعة، وأن يوفقنا للعمل الصالح الذي يرضيه،
وأن يثبتنا على دينه القويم، إنه ولي ذلك والقادر عليه،
وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

والرسالة التي سوف نشرحها إن شاء الله هي: "أصول السنة" لإمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى،
وهي في تقرير مذهب السلف رحمهم الله في قضايا الاعتقاد،
                                                                                             
🌿ومن المعلوم أن مذهب السلف الصالح: الصحابة والتابعين؛
🌱وأنهم يؤمنون بالكتاب والسنة،
🌱ويؤمنون بالأسماء والصفات، ويمرونها كما جاءت،
🌱ولا يئولون، ولا يحرفون، كأهل البدع.

🌾وأهل البدع ظهروا في أواخر عهد الصحابة،
ومن هؤلاء: الخوارج، والمعتزلة، والمرجئة، والجهمية، والأشعرية، والقدرية، وغيرهم،
فهؤلاء هم فرق الضلال، الذين انحرفوا عن الجادة، وضلوا عن الصراط المستقيم،

وهم أقسام: 🌻فمنهم الكافر،                                            
🌻ومنهم المسلم.
🌻ومنهم من قد تكون بدع مُكَفِّرة تخرجه من الملة؛
🍂كبدعة القدرية الأولى، الذين أنكروا العلم والكتاب،
وقالوا: إن الله تعالى لا يعلم بالأشياء إلا بعد وقوعها.
فهؤلاء كَفَّرَهم الصحابةُ؛ لأنهم نسبوا الله إلى الجهل،
قالوا: إن الأمر أُنف؛ 🌳أي: مستأنف وجديد،
ومِمَن كَفَّرهم من الصحابة: ابن عمر وغيره،
ثم إن هؤلاء الغُلاة انقرضوا وبقيتْ الفرقةُ المتوسطة، الذين يؤمنون بالعلم والكتاب،
ولكنهم ينكرون عموم الإرادة والمشيئة، وعموم الخلق؛
فأخرجوا أفعالَ العباد من مشيئة الله وخلقه؛
لشُبهةٍ عرضت لهم. وهؤلاء مبتدعة ليسوا كفاراً.

🍂ومثل غلاة القدرية، أيضًا: الجهميةُ الذين أنكروا الأسماء والصفات؛
وهذا في الحقيقة جحد لذات الله تعالى؛
لأن الذات لا وجود لها إلا بالأسماء والصفات،
ولهذا كَفَّرَهم من العلماء خمسمائة عالم،
كما قال العلامة ابن القيم -رحمه الله-: 
وَلَقَـد تَقَلَّـدَ كُفـرَهُم خَمسُونَ في 
       عَشـرٍ مِـنَ العُلَمَـاءِ في البُلـدَانِ                                                                                          
وَاللاَّلَكَـائِيُّ الإمـامُ حَكَـاهُ عَنهُم
        بـل قـد حَكَـاهُ قَبلَـهُ الطَّــبَرَانِي 

🍂وكذلك الرافضة كفرهم العلماء،
وأخرجوهم من الثنتين والسبعين فرقة،
                                                                                                                                       
🌿والرافضة هم الذين رفضوا زيد بن علي بن الحسين لما سألوه عن أبي بكر وعمر،
فقال: هما وزيرا جَدي رسول الله، فرفضوه، فقال: رفضتموني؛
فسُمُّوا بالرافضة، وكانوا قبل ذلك يسمون بالخشبية،

وهؤلاء الروافض وقعوا في ثلاثة أنواع من الكفر:
🌰النوع الأول: أنهم يعبدون أهل البيت؛ علياً، وفاطمة، والحسن، والحسين، ويتوسلون بهم؛ وهذا شرك.
🌰النوع الثاني من الكفر: أنهم كذبوا الله بأن القرآن محفوظ؛
قالوا: إن القرآن ما هو بمحفوظ، ما بقي إلا الثلث، وثلثا القرآن طار وذهب،
ويدعون أن عندهم مصحفاً يسمى مصحف فاطمة،
يعادل المصحف الذي بين يدي أهل السنة ثلاث مرات،
والله تعالى يقول في كتابه العظيم: 🌹{إنَّا نحنُ نزلنا الذكرَ وإنَّا له لحافظون}(الحجر 9)
كذبوا الله في هذا، ومن كذب الله كفر.

🌰النوع الثالث من الكفر: أنهم كَفَّروا الصحابة،
والله تعالى زكاهم وعدلهم، ووعدهم بالجنة
قال: 🌹{وكلاَّ وعدَ اللهُ الحُسنى}(النساء 95)
وقال:🌹{وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرًا عظيما}(الفتح 29)
وقال: 🌹{والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسانٍ رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعدَّ لهم جناتٍ تجري تحتها الأنهار}(التوبة 100)
وقال:🌹 {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة}(الفتح 18)

وقال عليه الصلاة والسلام: 🍀"لا يدخل النار أحدٌ ممن بايع تحت الشجرة"
فكذبوا الله ورسوله، وقالوا: إنهم كفار، وإنهم كفروا وارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم .

ومن فرق الشيعة: الزيدية، وهم من جملة أهل البدع، ومثلهم المعتزلة؛
والجمهور على أنهم مبتدعة، وهناك من كفَّرهم،
ولكن الأشاعرة من أهل البدع.

🌷فالإمام أحمد رحمه الله في هذه الرسالة، يقرر مذهب أهل السنة والجماعة،
ويبين مذهب أهل البدع، وأنهم مخالفون لمذهب أهل السنة والجماعة،
                                                                                   
🌷ومعلومٌ أن الإمام أحمد هو إمام أهل السنة والجماعة،
وقد امتُحن في مسألة القول بخلق القرآن، فثبته الله؛
وصبر على الأذى، والسجن، والضرب، حتى نصره الله.
                                                                                                                                               
🌼وقد قال بعض العلماء: إن الله تعالى حفظ الإسلام بأبي بكر الصديق يوم الردة،
وحفظ الإسلام بالإمام أحمد يوم المحنة.
********************
🌺سند الرسالة إلى الإمام أحمد

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الشيخ الإمام أبو المظفر عبد الملك بن علي بن محمد الهمداني: قال: حَدَّثَنا الشيخ أبو عبد الله يحيى بن أبي الحسن بن البنا، قال: أخبرنا والدي أبو علي الحسن بن أحمد بن البنا، قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران المعدل، قال: أخبرنا عثمان بن أحمد بن السماك، قال: حَدَّثَنا أبو محمد الحسن بن عبد الوهاب بن أبي العنبر قراءة عليه من كتابه في شهر ربيع الأول من سنة ثلاث وتسعين ومائتين، قال: حَدَّثَنا أبو جعفر محمد بن سليمان المنقري البصري بتنيس قال: حدثني عبدوس بن مالك العطار، قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه يقول:
*******************
هذا سند الرسالة إلى الإمام أحمد - رحمه الله - فهي من رواية عبدوس بن مالك أبو محمد العطار سماعًا عن الإمام إمام السنة أحمد بن حنبل -رحمه الله- وبذلك تكون هذه الرسالة سندها متصل إلى الإمام أحمد - رحمه الله- وأن هذا الجزء من مقال الإمام أحمد -رحمه الله- نعم.
*******************

Wednesday, October 1, 2014

🌴الدرس (٢) شرح أصول السنة

🌴الدرس (2) لكتاب شرح أصول السنة
 للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى
 تأليف الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي حفظه الله،

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،

🌸تابع المقدمة
قد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: 🍀"إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه، رجل استشهد، فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلتُ فيك حتى استشهدت، قال: كذبتَ، ولكنك قاتلتَ لأن يُقال: جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسُحب على جهه حتى أُلقي في النار،
ورجل تعلم العلم وعلَّمه وقرأ القرآن فأُتي به، فعرفه نعمه فعرفهاقال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمتُ العلم وعلمته وقرأت القرآن، قال: كذبتَ ولكنك تعلمت ليُقال: عالم، وقرأت القرآن ليُقال: هو قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى أُلقي في النار،
ورجل وسّع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله، فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت، ولكنك فعلت ليُقال: هو جواد. فقد قيل، ثم أمر به فسُحب على وجهه ثم أُلقي في النار" (أخرجه مسلم والترمذي، والنسائي، وابن حبان)

فهؤلاء الثلاثة، ما الذي جعل أعمالهم - وهي في ظاهرها عبادات عظيمة- تنقلب وبالًا عليهم؟
الجواب: سببُ ذلك: النية السيئة، وهي الرياء، فإنهم أرادوا بأعمالهم غير وجه الله،
وإلا لو كانت أعمالهم خالصة لله، لكانت منزلتهم عالية.

🍂فالعالم أو القارئ لو كان عملهما خالصًا لله،
لكانا من الصديقين، الذين يلون مرتبة الأنبياء،
                                                                                         
🍂وكذلك الذي قُتل في المعركة لو كان مريدًا بجهاده وجه الله:
لكان من الشهداء، الذين يلون مرتبة الصديقين، وهم أهل المرتبة الثالثة،
                                                                                       
🍂وكذلك المتصدق الذي أنفق أمواله في سبل الخيرات، لو كان مخلصًا لله،                                                      
 لكان من الصالحين، الذين يلون مرتبة الشهداء؛
                                                                                   
لأن المؤمنين الذين أنعم الله عليهم بالعلم والعمل لهم أربع مراتب:

المرتبة الأولى: مرتبة الأنبياء،
والمرتبة الثانية: مرتبة الصديقين،
والمرتبة الثالثة: مرتبة الشهداء،
والمرتبة الرابعة: مرتبة الصالحين،
قال الله تعالى في كتابه العظيم:🌹 {ومن يُطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً}( سورة النساء آية : 69 ).

إذًا فعلى طالب العلم أن يجاهد نفسه في تعلمه وتعليمه،
ويريد بذلك وجه الله والدار الآخرة، لا رياء ولا سمعة،
فالنية هي أساس العمل، وإصلاحُ النية ومعالجة ذلك من أصعب الأمور،
                                                                               
🌼قيل للإمام أحمد: كيف ينوي في طلبه العلم؟
قال: ينوي رفع الجهل عن نفسه، ورفع الجهل عن غيره؛
يعني: لا يريد الدنيا، ولا المال، ولا المناصب، ولا الجاه، ولا الشهرة، ولا الوظيفة،
وإنما ينوي رفع الجهل عن نفسه، وعن غيره، فيتعلم العلم لله،
وفي الحديث:🍀 "من تعلم العلم ليماري به العلماء، أو ليجاري به السفهاء،
أو ليصرف وجوه الناس إليه، فله من علمه النار"
أو كما ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم .

فلا بد لطالب العلمُ، لأهل العلم أن يستشعر هذه العبادة العظيمة،
وأنه ما دام يتعلم العلم، فهو في عبادة من أجل العبادات،
وأشرف القربات التي يتقرب بها إلى الله عز وجل.

🍂وأشرف العلم، العلم بأسماء الله وصفاته وأفعاله،
لأن العلم ثلاثة أنواع:                                                              
🍁علم بالله،                                                                  
🍁وعلم بدين الله،                                                                                
🍁وعلم بالجزاء يوم القيامة.
هذه هي أنواع العلم، وأشرفها العلم بالله،                                                      
لأن شرف العلم من شرف المعلوم.

🍁والعلم بالله،                                                                  
 معناه أن تعلم أن ربك سبحانه وتعالى موجود،
وأن له ذاتاَ لا تشبه الذوات،
وأنه فوق العرش مستو عليه، بائن من خلقه،
وأنه كامل في ذاته، وأن له الأسماء الحسنى،                                          
والصفات العلى التي وصف بها نفسه،
أو وصفه بها رسوله عليه الصلاة والسلام،
وأن الله لا يماثل أحدًا من خلقه لا في ذاته،
ولا في أسمائه، ولا في صفاته، ولا في أفعاله،
                                                                                     
 هذا هو العلم بالله؛ أن توحد الله في ربوبيته، وفي ألوهيته، وفي أسمائه وصفاته.
وهذه هي أنواع التوحيد الثلاثة.

🌱وتوحيد الله في ربوبيته،                                              
هو توحيد الله بأفعاله،
بأن تعتقد أن الله هو الخالق، الرازق، المحيي المميت،
وأنه مدبر الأمور، وأنه المتصرف، وأنه لا شريك له في ذلك،
فلا أحد يشاركه في تدبيره، ولا في ملكه، ولا في ربوبيته، ولا في خلقه،
هذا هو توحيد الربوبية.                                                                    
فلا بد أن تعتقد أن الله موجود،
وأنه الخالق وغيره مخلوق،
وأنه الرب وغيره مربوب،
وأنه مالك وغيره مملوك،
وأنه مدبِّر وغيره مُدبَّر،
وبهذا تكون وحدت الله في ربوبيته.

ثم توحد الله في أسمائه وصفاته؛
بأن تؤمن بالأسماء والصفات التي سمى الله بها نفسه في كتابه،
أو سماه بها رسوله عليه الصلاة والسلام،
أو وصف بها نفسه، أو وصفه بها رسوله عليه الصلاة والسلام في السنة.

🌿ومما يجب أن يُعلم: أن أسماء الله وصفاته توقيفية،
فلا يجوز للعباد أن يخترعوا له أسماء وصفات،
فالله تعالى سمى نفسه "الله"،
ولفظ الجلالة "الله" عَلمٌ على الذات الإلهية،                             
لا يُسمى به غيره،
وكل اسم مشتمل على صفة.

و"الله" أعرفُ المعارف، لا يسمى به غير الله،
هو مشتمل على صفة الألوهية،
كما أن الرحمن مشتمل على صفة الرحمة، الرحيم كذلك،
والعليم مشتمل على صفة العلم،
القدير مشتمل على صفة القدرة،
السميع مشتمل على صفة السمع،
البصير مشتمل على صفة البصر،
وهكذا سائر أسمائه تعالى، التي يجب الإيمان بها،
فتؤمن بأنه عالم الغيب والشهادة،
وأنه الرحمن، وأنه الرحيم،
وتؤمن بأن الله الملك، وأنه القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار المتكبر، الخالق، الرازق، المدبر، المحيي، المميت، البارئ، المصور، وأن له الأسماء الحسنى.

وكذلك عليك أن تؤمن بكل صفة:
فتؤمن بصفة العلو، صفة الرضا، والغضب، والسخط، والعزة، والعظمة، والكبرياء.
إلى غير ذلك من الأسماء والصفات التي وردت في الكتاب والسنة.
فتكون بذلك وحدت الله في أسمائه وصفاته.

🍂ثم توحد الله في ألوهيته وعبادته،
بأن تصرف العبادة والقربة التي تتقرب بها لله عز وجل وحده، فلا تعبد إلا الله.
والقرباتُ والعباداتُ هي: الأوامر والنواهي التي جاءت في الكتاب والسنة،
كأمر الله بالصلاة فهذه عبادة،
وأما كيفية توحيد الله بها، فهو: ألا تصل إلا لله،
وكذلك: فإن الله تعالى أمرك بالزكاة، لفلا تُزك إلا لله،
وكذلك القول في الصوم، لا تصم إلا لله،
والحج، لا تحج إلا لله،
والذبح، لا تذبح إلا لله،
والنذر، لا تنذر إلا لله،
والدعاء، لا تدع إلا الله،
والتوكل، والرغبة، والرهبة، والإنابة، وغيرها من العبادات التي يجب أن تُصرف لله وحده لا شريك له.
وبذلك تكون وحدتَ الله في ربوبيته، وفي ألوهيته، وفي أسمائه وصفاته،
فتكون مؤمنًا بالله، هذا هو الإيمان بالله.

🍁هذا النوع الأول: العلم بالله،                                       
يعني بأسمائه وصفاته وأفعاله.

🍁والنوع الثاني: العلم بدين الله،
وهي الأوامر، والنواهي، التي شرعها الله في كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم .

🍁والعلم الثالث: العلم بالجزاء؛
أي جزاء المؤمنين الموحدين في الجنة، وما أعد الله لهم من الكرامة،
فتؤمن بما أخبر الله به من جزاء الموحدين يوم القيامة،
وباليوم الآخر، وما فيه من البعث، والجزاء، والحساب، والحشر، والنشر، والحوض، والميزان، والصراط، والجنة، والنار، وما أعد الله للمتقين من الكرامة،
والتمتع بالنظر إلى وجهه الكريم،
وجزاء الكفار، وما أعده لهم، وللعصاة: من النار، وبئس القرار.

🌴الدرس (١) شرح أصول السنة

🌴الدرس (1) لكتاب شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى
 تأليف الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي حفظه الله،

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،

🌸مقدمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،                                            
 بسم الله الرحمن الرحيم،
إن الحمد لله، نحمده ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا،
من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله،
أشهد أنه رسول الله إلى الثقلين الجن والإنس إلى العرب والعجم،
وأشهد أنه خاتم النبيين لا نبي بعده،                                         
وأنه بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة،
وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه من ربه اليقين،
فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى إخوانه من النبيين والمرسلين،
وعلى آله وأصحابه وعلى أتباعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد.

فإني أحمد الله إليكم وأثني عليه الخير كله،                      
وأسأله المزيد من فضله،
وأسأله سبحانه أن يصلح قلوبنا وأعمالنا، ونياتنا وذرياتنا،
كما أسأله -سبحانه وتعالى- أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماعًا مرحومًا،
وأن يجعل تفرقنا من بعده تفرقًا معصوما،                            
وأن لا يجعل فينا ولا منا شقيًا ولا محرومًا،
كما أسأله -سبحانه وتعالى- أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماع خير وعلم تغشاه الرحمة،                                          
 وتحفه الملائكة، ويذكره الله فيمن عنده،
فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: 🍀"وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده" .

أيها الإخوان إن خير ما أنفق فيه الإنسان عمره، وأوقاته وأنفاسه طلب العلم وتعلم العلم وتعليمه،                      
الذي هو من أفضل العبادات وأجل القربات،
والذي قر أهل العلم أنه أفضل من نوافل العبادة،
                                                                                                         
فتعلم العلم وتعليمه أفضل من نوافل العبادة،
إذا تعارضت نافلة من نوافل العبادات،                                                
كالصلاة والصيام أو الحج، مع تعلم العلم وتعليمه،
فإن تعلم العلم وتعليمه مقدم، وما ذاك إلا لأن نوافل الصلاة والصيام، والزكاة والحج، قاصر نفعه على صاحبه.
أما العلم تعلمًا وتعليمًا فإن نفعه متعدي؛
لأن الإنسان إذا تعلم وتبصر وتفقه في شريعة الله رفع الجهل عن نفسه،
لأن الأصل أن الإنسان لا يعلم قال الله تعالى:                          
🌹{والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً} (سورة النحل آية : 78)
وقال سبحانه وتعالى لنبيه الكريم:🌹 {ووجدك ضآلاً فهدى} (سورة الضحى آية : 7.) .

فالأصل في الإنسان أنه لا يعلم، ثم يتعلم، ويتبصر فيرفع الجهل عن نفسه، ثم يرفع الجهل عن غيره،
وبهذا يكون الإنسان إذا تعلم وعمل، ثم نشر علمه وصبر على الأذى يكون من الرابحين، الذين استثناهم الله
في قوله سبحانه:🌹 {والعصر(1)  إن الإنسان لفي خُسر(2) إلا الذي آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر(3)}  ( سورة العصر آية : 1-3)
أقسم الله -سبحانه وتعالى- وهو الصادق أن جنس الإنسان في خسارة🌹 {إن الإنسان لفي خُسر} (سورة العصر آية:2)
إلا من اتصف بهذه الصفات الأربعة:                                        
🌹{إلا الذين آمنوا} (سورة العصر آية : 3)                           
 والإيمان مبني على العلم والبصيرة
ثم قال:🌹 {وعملوا الصالحات} (سورة العصر آية : 3) المراد حسن العمل  
ثم قال:🌹 {وتواصوا بالحق} (سورة العصر آية : 3) هذه الدعوة إلى الله ونشر العلم  
ثم قال: 🌹{وتواصوا بالصبر}(سورة العصر آية:3) هؤلاء هم الرابحون أهل السعادة،
أسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم.

فلا بد لطالب العلم أن يستشعر هذا الأمر،                                
وأنه في عبادة ما دام يطلب العلم،،
وعليه أن يخلص لله عز وجل في عبادته،
فإذا كان تعلم العلم وتعليمه من العبادات العظيمة، فعلى أهل العلم أن يخلصوا أعمالهم لله عز وجل،
لأن العبادة لا تصح ولا تكون نافعة، ولا مقبولة عند الله، حتى يتحقق فيها: الإخلاص لله، والمتابعة لنبيه صلى الله عليه وسلم ركنان أساسيان لا بد منهما في كل عبادة، تتعبد بها لله عز وجل تعلم العلم وتعليمه،
                                                                                                 
لا بد أن يكون العمل خالصًا لله صلاتك وصيامك، وزكاتك وحجك، برك للوالدين وصلتك للرحم، وتعلمك للعلم، وتعليمك للعلم، لا بد أن يكون خالصًا لله، مرادًا به وجه الله، ولا بد أن تكون متابعًا في ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم هذان أمران وهذان ركنان أساسيان لا تصح أي عبادة إلا بهما،
                                                                                                     
قال الله تعالى في كتابه العظيم:🌹{فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً} (سورة الكهف آية : 110)                                            
والعمل الصالح، ما كان صواباً على السنة ،
وشرط قبوله أيضاً: أن يكون خالصاً لله تعالى، بريئاً من الشرك،  
قال تعالى: 🌹{ومن يُسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى  وإلى الله عاقبة الأمور} ( لقمان آية: 22)                                               
 وإسلام الوجه هو: الإخلاص لله
قال سبحانه وتعالى🌹 {بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون}(سورة البقرة آية : 112) .  

وثبت في الصحيحين من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
🍀"إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" الأعمال بالنيات،
قال أهل العلم: هذا الحديث نصف الدين؛ لأن الدين ظاهر وباطن، وهذا الحديث فيه بيان حكم الباطن
🍀"إنما الأعمال بالنيات" النية أمر باطني.                
🍀 "وإنما لكل امرئ ما نوى"  
فالأصل: أن يكون العمل خالصًا لله،                                            
هو مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله،                                                   
وإذا تخلف هذا الأمر حل محله الشرك.

وقد دل على الأصل الثاني ما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها،
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: 🍀"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"  
وفي لفظ لمسلم:🍀 "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد"  
فهذا يتعلق بالظاهر، والحديث الأول: 🍀"إنما الأعمال بالنيات" يتعلق بالباطن.

فإذا تخلَّف الاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم،                                           
حل محله البدعة،
فلا بد للمسلم أن يصحح نيته،                                                                
ويجاهد نفسه في إخلاص العمل لله عز وجل،
حتى يكون العمل مقبولا ونافعا عند الله،                                 
وحتى يكون مباركًا.
                                                                                                 
أما إذا دخل العمل الشرك كالرياء، وخالطه وخامره، فإن العمل يكون باطلًا.
🌿والرياء يكون شركًا أكبر كرياء المنافقين، الذين دخلوا في الإسلام نفاقًا كعبد الله بن أبي وغيره، في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء مشركون أشركوا شركًا أكبر، فأعمالهم حابطة، ولا يُقبل منهم أي عمل،
قال الله تعالى: 🌹{إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا}( سورة النساء آية : 145) .

🍃النوع الثاني: رياء أصغر رياء يسير وهو الرياء الذي يصدر من المؤمن،
المؤمن أسلم لله، دخل في الإسلام طوعاً لا نفاقًا، وعن إخلاص وصدق، قد يقع منه رياءٌ في بعض عمله،
فيرائي في صلاته، أو في صيامه، أو في حجه، أو في زكاته، أو في تعلمه، أو تعليمه، أو في غير ذلك،
فيكون هذا الرياء يحبط العمل الذي قارنه فقط ،                                
وهو شركا أصغر، يبطل هذا العمل الذي قارنه،
                                                                                                 
🍂لكن إذا كان الرياء خاطرٍ خطر فدفعه الإنسان، وطرده، واستعاذ بالله من الشيطان، فإنه لا يضره،
🍂أما إذا استرسل الرياء، واستمر إلى آخر العمل، وآخر العبادة
فقيل: إنه يحبط العمل،                                             
وقيل: يجازى بنيته الأولى.
-------------------------