Wednesday, April 6, 2016

الدرس (٦٢) شرح أصول السنة

🌴الدرس (62) لكتاب شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى تأليف الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي حفظه الله، 

 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،

 

🌸النفاق هو الكفر : 

وهنا أيضاً : الظلم الأكبر المخرج من الملة، وهو ظلم الشرك والكفر، 

وأما الظلم الأصغر فهو ظلم المعاصي، وكذلك الفسق، يكون فسقا أكبر وهو فسق الكفر ،

كما في قوله تعالى : 🌹{ وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۖ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ} (البقرة 99) ، 

والفسوق الأكبر يخرج من الملة مثاله : فِسْقُ إبليس ، المذكور في قوله تعالى  :🌹 {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ } (الكهف 50) ، 

يعني فسق فسوق كفر. 

 

وهناك أيضاً : الجهل الأكبر المُخرج من الملة، 

وهو : جهل الكفر والشرك، 

ويقابل هذه الأنواع من الكفر الأكبر ، والشرك الأكبر ، 

والظلم الأكبر ، والفسق الأكبر ، والجهل الأكبر ، والنفاق الأكبر ،

يقابلها : الكفر الأصغر، والشرك الأكبر، والظلم الأصغر، والفسق الأصغر ، والجهل الأصغر ، والنفاق الأصغر .

وهو في هذه الأنواع كلها ، غير مخرج من الملة . 

 

فكل ما ورد تسميته من الذنوب شركاً ، ولم يصل إلى حد الشرك الأكبر ، وليس ناقضاً للإسلام ، لا شركاً في العبادة ؛ فإنه يكون شركاً أصغر ، 

وكذلك ما اعتُبر تسميته من الذنوب كُفراً ، وليس واحداً من أنواع الكفر الخمسة ؛ فهو أصغر .

 

وكذلك الظلم الأصغر ، هو ما ورد تسميته من الذنوب ظلما، ولم يصل إلى حد الظلم الأكبر .

وكذلك القول في الفسق، والجهل . 

والمؤلف رحمه الله ذكر من أنواع الكفر الأكبر: النفاق، 

وقال : "النفاق هو الكفر ، أن يكفر بالله ويعبد غيره، ويظهر الإسلام في العلانية، 

مثل المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ 

يعني : عبد الله بن أبي وغيره . 

 

ثم ذكر الكفر الأصغر ، فقال : " وقوله: "ثلاثٌ من كن فيه فهو منافق " هذا على التغليظ".(حديث صحيح : أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأحمد) ،

المذكور في هذا الحديث ، هو النفاق الأصغر ، 

والحديث رواه الإمام مسلم ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :🍀 " ثلاثٌ من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى  وزعم أنه مسلم: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان " (حديث صحيح أخرجه مسلم) ، 

وفي رواية أخرى: 🍀"آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان " (حديث صحيح أخرجه البخاري) ، 

وفي الحديث الصحيح عن عبدالله بن عمرو مرفوعاً : 🍀" أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن" 

وفي رواية: "خلة منهن " ،🍀 " كانت فيه خلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا واعد أخلف، وإذا خاصم فجر " (حديث صحيح : أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي) . 

 

هذا الحديث ذكر فيه النفاق الأصغر؛ وهو نفاق في العمل، 

وأما النفاق الأكبر ، فإنه يكون في القلب، كما سبق تعريفُهُ ،

وهذا النفاق الأصغر لا يخرج من الملة، 

ومن أمثلته : أن صاحبه إذا حدث كذب، إذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان ، وإذا خاصم فجر ، 

وهو أنواع ؛ هذا أبرزها .

 

وفي حديث عبد الله بن عمرو: 🍀"أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا واعد أخلف، وإذا خاصم فجر " (حديث صحيح) ،

قال العلماء: كل واحد من هذه الخصال معصية، 

لكن إذا اجتمعت في الإنسان الأربع كلها، واستحكمت وكملت ؛ فإنها تجره إلى النفاق الأكبر، 

ولهذا قال: 🍀"أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها" (حديث صحيح) ، 

وأشار المؤلف إلى أن حديث : 🍀"ثلاث من كن فيه فهو منافق" (حديث صحيح) ، 

قيل على سبيل التغليظ ؛ 

يعني : أن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يتوعد صاحب المعاصي، ويبيّن عِظَمَهَا ،

ولم يُرد أنها نفاق أكبر ؛ لأن النفاق الأكبر قد بينه المؤلف فيما سبق ، 

وهو : أن يكفر بالله  ويعبد غيره في الباطن ، ويُظهر الإسلام في العلانية مثل المنافقين ،

وأما الخصال الواردة في حديث : 🍀" ثلاث من كن فيه كان منافقا ".

فهذه معاصٍ وكبائر، سماها النبي نفاقاً ، للتغليظ والوعيد ،

وهي لا تصل إلى حد الأكبر ، ولا تخرج من الملة، لكن من الكبائر. 

 

وقول المؤلف الإمام: "نرويها كما جاءت ولا نفسرها"، 

يعني : لا نفسرها تفسيرا يخالف ظاهرها، بل تُروى كما جاءت ، حتى تفيد الزجر والوعيد ، كما يقول أهل العلم ، 

ولكن نُبيِّنُ أنها لا تُخرج من الملة لمن قد يحتاجُ إلى معرفة ذلك من أهل العلم ، 

لكن لا تفسر للعامة ، وتترك هكذا ؛ حتى تفيد الزجر، 

ولهذا قال: "هذا على التغليظ نرويها كما جاءت ولا نفسرها" ؛ 

ولا نفسرها أيضاً تفسيرا يخالف ظاهرها .

 

---------------------------------

Saturday, April 2, 2016

الدرس (٦١) شرح أصول السنة

🌴الدرس (61) لكتاب شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى تأليف الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي حفظه الله، 

 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،

 

🌸النفاق هو الكفر : 

🌸تابع: النوع الثاني:

 

ومنه أيضاً : كفر أبي طالب ، عم الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإنه كان مصدقاً ، 

ولكن منعه الكبْرُ عن الإيمان بالله وبرسوله ؛

فإنه لما حضرته الوفاةُ : لما حضرت الوفاة، دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل 

فقال : أيْ عم : قل : لا إله إلا الله ، كلمة أحلاج لك بها عند الله ؛

فقال أبو جهل : وعبد الله بن أمية : يا أبا طالب : ترغبُ عن ملة عبد المطلب ؟!

فقال النبي : "لأستغفرن لك ما لم أُنه عنك ؛

فنزلت : {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَىٰ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} (التوبة 113) ، 

ونزلت : {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} (القصص 56) ، 

 

فأبو طالب دعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فأبى واستكبر أن يشهد على آبائه وأجداده بالكفر ؛ 

فكان مستكبرا عن عبادة الله ، واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإلا هو مصدق ؛ قوله : 

ولقـد علمـت بـأن دين محمـدٍ 
لـولا المـلامة أو حـذار سـبةٍ 


مـن خير أديـان البرية دينـا 
لوجـدتني سـمحا بذاك مبينـا 

يقول: أخشى من الملامة، وأحذر من سب آبائي وأجدادي، 

وأن أشهد عليهم بالكفر ! لا أشهد عليهم بذلك ؛ 

فكان بهذا مستكبراً عن عبادة الله ، واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم . 

ومن هنا يغلط كثير من الناس الذين يقولون : لا يشترط جنس العمل في الإيمان ، وليس هو من الإيمان ، 

ومن لم يأت بجنس العمل ؛ فهو ناجٍ ، وهذا مذهب باطل ؛

لأنه لا بد أن يأتي بالعمل في الباطن ، ولا بد له من عمل في الظاهر يتحقق به الإيمان ، 

وإلا صار مستكبرا كإبليس وفرعون ؛ فكلاهما مصدِّقٌ بباطنه ، لكن لا أثر لذلك التصديق في الظاهر ؛

فعُلِمَ بذلك : أنه لا بد من العمل ، وأن جنس العمل لا بد منه .

 

وكذلك اللي يعبد الله ويصلي ، ويصوم ؛ 

لا بد له من تصديق في الباطن، يصحح له الإيمان ، 

وإلا صار كإسلام المنافقين الذين يصلون ويصومون لكن في الباطن ليس عندهم تصديق يصحح هذه الأعمال ، 

كما أن إبليس وفرعون مُصَدِّقان في الباطن، لكن ليس لديهما عمل يتحقق به هذا التصديق .

 

إذاً لا بد من أمرين: عملٌ يتحقق به التصديق في الباطن، وتصديقٌ في الباطن يتحقق بالعمل؛ 

فالتصديق في الباطن لا بد له من عمل يتحقق به، 

والعمل لا بد له من تصديق في الباطن يصححه. 

 

 

🚫الرابع: كفر الشك والظن، 

كأن يشك في ربوبية الله، أو يشك في ألوهيته، 

أو يشك في الملائكة جميعهم ، أو في ملك من الملائكة، 

أو يشك في رسول من الرسل، أو يشك في الجنة، أو يشك في النار، 

أو يشك في البعث، أو يشك في قيام الساعة ؛ 

فالشاك في قيام الساعة ؛ كافرٌ كما قال تعالى عن صاحب الجنة : 

 

وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا (36)يكون كافرا، قال الله تعالى: { وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَدًا (35} (الكهف 35-36) ، هذا هو الشك، 

{ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا} (الكهف 36) ، 

ثم قال : { قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ} (الكهف 37) ، 

لأن كفره كان بالشك في الساعة ، كما دل عليه السياق .

 

 

🚫الخامس: كفر الإعراض، 

وهو أن يعرض عن دين الله لا يتعلمه ، ولا يعمل به، ولا يعبد الله، 

فهذا المعرض يكون كافرا بهذا الإعراض ؛ 

قال الله تعالى : {وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنذِرُوا مُعْرِضُونَ} (الإحقاف 3) ، 

 

ومن ذلك : هذه القصة وهي : "أن رجلا يقال من بني عبد ياليل، عرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام، 

فقال: والله لأقول لك كلمة ؛ إن كنت صادقا فأنت أجل في عيني من أن أرد عليك، 

وإن كنت كاذبا فأنت أحقر من أن أكلمك، ومشى وتركه". 

 

فهذا قد يقال : إنه شاك ، 

لكن لا يستمر شكه إلا إذا ألزم نفسه الإعراض عن آيات صدق الرسول صلى الله عليه وسلم  جملةً ؛

وانصرف عنه ؛ فيكون معرضا، 

لكنه إن لم ينصرف ويُعرض ونظر في آيات صِدق الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ فإنه لا بد أن يؤمن أو يكذب ،

فهو بين أحد أمرين : إما التصديق ، وإما التكذيب .

 

فهذه أنواع الكفر الأكبر ، وكل هذه الأنواع الخمسة صاحبها مخلد في النار، 

وهي كما سبق : كفر النفاق، وكفر التكذيب والجحود مع التصديق، وكفر الإباء والاستكبار، 

وكفر الشك والظن، وكفر الإعراض . هذا هو الكفر الأكبر المخرج من الملة. 

 

هناك الشرك، وهو كذلك نوعان: شرك يخرج من الملة، 

وهو : أن يصرف نوعا من أنواع العبادة لغير الله، 

كأن يدعو غير الله، أو يذبح لغير الله، أو يصلي لغير الله، 

أو يفعل ناقضًا من نواقض الإسلام، كأن يسب الله، أو يسب الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ فيكون مشركا شركا أكبر.

 

----------------------------------