Wednesday, March 2, 2016

الدرس (٥٧) شرح أصول السنة

🌴الدرس (57) لكتاب شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى تأليف الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي حفظه الله، 

 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،

 

🌸بغض الصحابة والإساءة إليهم بقول أو فعل :

🍄المتن : قال المؤلف رحمه الله : "ومن انتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أبغضه بحدث كان منه ، أو ذكر مساوئه : كان مبتدعا حتى يترحم عليهم جميعا ، ويكون قلبه لهم سليما " . 

ـــــــــــــــ 

الشرح : 

عدنا إلى الكلام في الصحابة ، هنا يشير المؤلف أن من انتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

أو أبغضه لحدث منه ، أو ذِكْر مساوئه كان مبتدعا ، حتى يترحم عليهم جميعا ، ويكون قلبه سليما .

 

فالتنقص للصحابة، ولو لواحد منهم، أو بغضه أو ذكر مساوئه ؛

هذه طريقة أهل البدع ، وهو من علامات النفاق ، 

بل لا يبرأ من النفاق ، حتى يترحم عليهم جميعا ، ويكون قبله سليما لهم ؛ 

ولهذا قال الطحاوي في عقيدته، عن الصحابة : "وحبهم دين وإيمانٌ وإسلام، وبغضهم كفرٌ ونفاقٌ وطغيان".

فبغض الصحابة من علامات النفاق، ومن علامات خبث القلوب، 

والله تعالى أثنى على المؤمنين في دعائهم لمن سبقهم من المؤمنين، 

وبيَّن أنه ليس في قلوبهم غلٌّ لهم، 

فقال الله تعالى:🌹 { وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } (الحشر 10) ،

 

وقد استدل بعض العلماء على كفر الروافض، 

بأن الله تعالى ذكر أن الفيء وهو المال الذي يقسم للمؤمنين بعد القتال : يكون لثلاثة من الأصناف: 

للمهاجرين، والأنصار، ومن تبعهم بإحسان ؛ ممن يدعون لهم ، 

فقال:🌹 {مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} (الحشر 7) ،

ثم قال:🌴 {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} (الحشر 8) ، هذا الصنف الأول ، 

ثم قال بعده: 🌹{وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ} (الحشر 9) ، وهم الأنصار، 

ثم قال عن الصنف الثالث : 🌹{ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} (الحشر 10) ،

فجعل الفيء للمؤمنين، وجعلهم ثلاثة أصناف: المهاجرون، والأنصار، والذين جاءوا من بعدهم ؛ يدعون لهم، ويسألون الله أن لا يجعل في قلوبنا غلا للمؤمنين، 

والروافض في قلوبهم غل لهم فليسوا منهم ؛

ليسوا من المهاجرين ، ولا من الأنصار ، ولا من الذين يدعون لهم ، بل في قلوبهم غل ؛

فدل على أنهم ليسوا من المسلمين. 

 

وقد استنبط الإمام مالك رحمه الله ، كفر الروافض من قوله تعالى في سورة الفتح :               🌹{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُعَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِوَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظ فَاسْتَوَى عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ } (الفتح 29) ،

فأخذ من قوله : 🌹{لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} ، ؛ أن من أغاظه الصحابة ؛ فهو كافرٌ ؛ 

والروافض تغيظهم الصحابة ؛ فدل على أنهم كفار .

 

فالواجب علينا : الترحم علي الصحابة ، والترضي عنهم ، والإمساك عما شجر بينهم من الخلاف والحروب ، 

ونعتقد أن لهم من الحسنات ، ما يُغطي ما صدر عنهم من الهفوات ، والحروب التي وقعت بينهم ؛

فهم فيها ما بين مجتهد مصيب له أجران ، وما بين مجتهد مخطئ له أجر ، هذا هو الصواب .

 

وقد يستدل من يطعن في الصحابة ، بالقتال الذي وقع بينهم ، ويقول : قد وَرَدَ في الحديث أنه : 

"إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار"

والجواب : أنَّ هذا وعد الوعيد ، إن كان قتال لهوى وعصبية، 

أما إذا كان قتال عن اجتهاد ، فهو داخل في قوله تعالى:🌹 {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَاعَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} (الحجرات 9) ، 

وقال: 🌹{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (الحجرات 10) ، 

فسماهم إخوة وهم يتقاتلون؛ لأن القتال عن اجتهاد، 

ولهذا انضم أكثر الصحابة إلى علي في قتال أهل الشام، ورأوا أنه على الحق ، وأن أهل الشام بغاة، 

لكن أهل الشام ما كانوا يعلمون أنهم بغاة ، وواقعُ الحال أنهم بغاة ؛

يجب عليهم أن يبايعوا علياً، وليس لهم أن يمتنعوا ، لكنهم اجتهدوا فامتنعوا ؛ مطالبة بدم عثمان، 

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمار: "ويح عمار تقتله الفئة الباغية" ، 

وقد قتله جيش معاوية ؛ فدل على أنهم الفئة الباغية .

 

فعلي ومن معه مصيبون ، لهم أجران : أجر الاجتهاد ، وأجر الصواب ، 

ومعاوية ومن معه مخطئون ، فليس لهم أجر الصواب ، ولكن لهم أجر الاجتهاد 

وانضم أكثر الصحابة إلى علي ، عملا بهذه الآية أمر :🌹{فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} (الحجرات 9) ،

 

لكن بعض الصحابة لم يتبين له الأمر ، فاعتزل الفريقين ؛ 

لأنه اشتبه عليه الأمر ، وخاف من الأحاديث التي فيها الأمر بعدم القتال في الفتنة، وكَسْرِ السيوف ، 

لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال :🍀 "ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير من الساعي" .

فمن هؤلاء : ابن عمر ؛ اعتزل الفريقين ، وسلمة بن الأكوع ؛اعتزل الفريقين وتزوج في البادية، وقال: أذن لي النبي صلى الله عليه وسلم في البدو .

ومنهم : أسامة بن زيد ، وأبو بكرة ، وجماعة 

 

لكن الصواب كما أسلفنا مع علي ، 

وأما الذين انضموا إلى معاوية ، فقد جانبوا الصواب .

والأدلة في النهي عن الكلام في الصحابة وانتقاصهم كثيرة 

وقد قال الإمام أحمد كما في كتاب السنة للخلال بسند صحيح أنه قال: (من تنقص أحدا من أصحاب رسول الله 

صلى الله عليه وسلم فلا ينطوي إلا على بلية ، وله خبيئة سوء" .

 

فمن تلك الأدلة : قول النبي صلى الله عليه وسلم :🍀 "لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده، لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا، ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه" .

ومناسبة هذا الحديث : أنه حدث خلاف بين عبد الرحمن بن عوف وكان من السابقين الأولين ، ومن العشرة المبشرين بالجنة ، 

وبين خالد بن الوليد ، وكان ممن أسلموا بعد الحديبية ، وقبل فتح مكة ، 

فالصحابة درجات ؛ السابقون الأولون: الذين أسلموا قبل صلح الحديبية، 

وبعدهم الصحابة المتوسطون ؛ في المرتبة الثانية: الذين أسلموا بعد الحديبية ، وقبل فتح مكة، 

والمرتبة الثالثة: الذين أسلموا بعد فتح مكة ، ويقال لهم : الطلقاء ، 

ومنهم أبو سفيان ، وغيرهم .

فالنبي صلى الله عليه وسلم يخاطب خالداً ، ويقول له : "لا تسبوا أصحابي" ؛

يعني : الذين تقدمت صحبتهم ، 

وهذا دليل على التفاوت بين الصحابة في المرتبة ، 

فلو أنفق خالد مثل أحد ذهباً ، وأنفق عبد الرحمن ملء الكف مد أو نصف ، لسبقه عبد الرحمن ؛

لما تميَّزَ به من الأمور التي ذُكِرَتْ .

فكيف إذاً يكون الشأن بين الصحابة ومن بعدهم من التابعين ؟! أو من تأخرت صحبتهم ؟!

 

------------------------------- 

No comments:

Post a Comment