Thursday, August 18, 2016

الدرس (٦٧) شرح أصول السنة

🌴الدرس (٦٧) لكتاب شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى تأليف الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي حفظه الله، 

 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،

 

تابع : 💐الجنة والنار مخلوقتان :

 

ومن الأدلة على أن الجنة والنار موجودتان الآن : أن أرواح المؤمنين تنعم في الجنة، وكذا أرواح الشهداء؛ 

قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: 🍀"أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل".

 

وكذلك أيضا فإن روح المؤمن غير الشهيد تنعم في الجنة؛ 

قال النبي صلى الله عليه وسلم : 🍀" إنما نسمة المؤمن طائر في شجر الجنة"  يعني: يأكل: 

"حتى يبعثه الله إلى جسده يوم القيامة" (أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد ومالك والطبراني وابن حبان) 

 

وكذلك أيضا ثبت أن : "العبد إذا وضع في قبره، وتولى وذهب أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فأقعداه فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل محمد صلى الله عليه وسلم؛ فيقول : أشهد أنه عبد الله ورسوله ، فيقال : انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعداً من الجنة" (أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وأحمد).

 

فإذن : الجنة موجودة، بدلالة هذه النصوص وغيرها،

فكيف يكون القول بخلقهما عبثاً كما يدَّعي هؤلاء؟!

والكافر ثبت في الحديث أنه يقال له وللفاجر : "افتحوا له باباً إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه".

 

إذا : النار موجودة، والله تعالى قال في كتابه العظيم عن آل فرعون:

🌹{ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ۖ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} (غافر 46)

وهذا الأمر يكون في البرزخ؛ أي:  في القبر. 

فالنار موجودة ، وفرعون ومن معه يعرضون عليها غدوا وعشيا. 

 

وقال -عليه الصلاة والسلام-: 🍀" إذا مات أحدكم فإنه يعرض عليه مقعده في الغداة والعشي" (أخرجه البخاري واللفظ له ومسلم). 

 

فهذه  كلها دليل على وجود النار. 

 

وثبت أيضاً في الترمذي، في جامع الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: 🍀" لقيت أبي إبراهيم ليلة أسري بي، فقال: يا محمد، أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة ، عذبة الماء، وأنها قيعان ، وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر" (أخرجه الترمذي)

وقال -عليه الصلاة والسلام-:🍀 " من قال سبحان الله العظيم وبحمده غُرست له نخلة في الجنة" (أخرجه الترمذي والنسائي)  

إذا الجنة موجودة، والمعنى : أنه يُزاد للمؤمن في غراسها، 

بزيادة الحسنة والثواب، ويغرس له ؛ زيادة على ما أعد الله له. 

 

ومن الأدلة أيضا : حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :🍀 "لما خلق الله الجنة قال لجبرائيل : اذهب فانظر إليها، فنظر إليها، 

ثم جاء فقال: أي رب وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها، ثم حفها بالمكاره، 

ثم قال : يا جبريل: اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها ، 

ثم جاء فقال : أي رب وعزتك لقد خشيت أن لا يدخلها أحد، 

قال : فلما خلق الله النار قال : يا جبريل اذهب فانظر إليها ،

ثم جاء فقال : أي رب وعزتك لا يسمع بها أحد فيدخلها . فحفها بالشهوات،

ثم قال : يا جبريل اذهب فانظر إليها فنظر إليها 

فقال : أي رب وعزتك فقد خشيت ألا يبقى واحد إلا دخلها" (أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وأحمد وابن حبان والحاكم)،

 

فهذا دليل من الأدلة على أن الجنة والنار مخلوقتان الآن، 

ويرد بها على المعتزلة الذين يقولون: إنهما تخلقان يوم القيامة.

 

ومن الأدلة أيضاً : رؤية النبي صلى الله عليه وسلم للجنة والنار ليلة المعراج، 

ورأى أناسا يعذبون؛ فرأى الزناة والزواني يعذبون في مثل التنور ،

 

وكذلك أيضا : المرابي رآه يسبح في نهر الدم، 

ورأى الكذاب الذي يشق منخره وشدقاه، ورأى غيرهم .

 

وروي عن بعض السلف أن النار تفنى بعد مُدد متطاولة، 

وهذا  القول يُنسب إلى بعض السلف، 

ويستدلون بآثار، لكن أكثر هذه الآثار ضعيفة، 

 

ومنها : ما روي عن عمر وغيره : "لو لبث أهل النار في النار قدر رمل عالج ، لكان لهم يوماً يخرجون منه " ،

 

وقالوا : فرق بين خروج العصاة، وبين خروج الكفار، 

فالعصاة أُخرجوا وهي باقية، والكفار أخرجوا منها بعد نهايتها، 

وفرق بين من يُخرج من الحبس؛ والحبس باق، 

وبين من يُخرج من الحبس؛ لسقوط الحبس وانتقاضه . 

فالكفار ما أخرجوا لكن هي التي انتهت . 

لكن هذا قول ينسب إلى بعض السلف، 

وبعض أهل العلم جمع بينهما، 

وقال : ما روي عن بعض السلف بفناء النار ، يُحمل على أن النار التي تفنى هي نار العصاة، 

وهي الطبقة العليا من النار ، 

فإذا خرج العصاة منها ، انتهت وفنيت، 

وأما طبقات الكفار فهي باقية، وهذا القول حسن . 

 

لأن النار دركات ، والدركة العليا فيها؟ 

هي دركة العصاة، 

أما دركات الكفرة ، فلا تفنى . 

 

وذهب الجهم بن صفوان إلى أن الجنة والنار تفنيان جميعا، 

فأنكر أهل السنة والجماعة عليه ، وبدعوه ، وضللوه ، وصاحوا به ؛ 

لأن قوله هذا قول فاسد مصادم للنصوص ، والجهم كافر، وقد كَفَّرَ الجهمية خمسمائة عالم . 

 

----------------------

No comments:

Post a Comment