🌴الدرس (٦٨) لكتاب شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى تأليف الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي حفظه الله،
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،
تابع : 💐الجنة والنار مخلوقتان :
وهذا الجهم لما ناظره جماعة من فلاسفة الهند من (السمنية)، شك في ربه ، وترك الصلاة أربعين يوما، والعياذ بالله،
ثم نقش الشيطان في ذهنه أن الله موجود وجودا مطلقا؛
يعني : أنه لا يُثبت لله وجوداً إلا وجوداً في الذهن فقط ،
ولازم هذا : إنكار وجود الله !!
فلا يستغرب منه قوله : إن الجنة والنار تفنيان.
وقال أبو الهذيل العلاف، شيخ المعتزلة في القرن الثالث الهجري : بفناء حركات أهل الجنة والنار ،
وأنهم بعد مدة طويلة يجمدون ، ويكونون مثل الحجارة ؛ لا يتحركون !
وقد ناقشه الإمام ابن القيم -رحمه الله- في النونية وفي غيرها، وشنع عليه،
وقال متهكماً به : إذا جاء هذا اليوم الذي تفنى فيه الحركات – على فرض قولك -: فما حال من يتناول عنقودا ثم فنيت الحركات فجأة، هل يبقى على هذا الحال ؟! ويبقى مفتوح الفم ؟!
وجعل يشنع عليه، ويذكر صوراً من هذا القبيل .
فالمقصود أن هذا قول فاسد، وأفسد منه قول الجهم تفنيان.
🌺والصواب قول أهل السنة والجماعة: أن الجنة والنار دائمتان أبدا ، لا تفنيان ولا تبيدان،
قال الله تعالى عن نعيم الجنة : 🌹{عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ } (هود ١٠٨) ،
وقال : 🌹{ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ } (النساء ٥٧) ،
وكذلك قال في النار : 🌹{ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ } (الأحزاب ٦٥) ،
وقال : 🌹{لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا } (النبأ ٢٣) ،
وقال : 🌹{وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ}(الحجر ٤٨) ،
وَقَالَ : 🌹{ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ }(البقرة ١٦٧) ،
وقال : 🌹{كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا }(الإسراء ٩٧) ،
فكل هذه النصوص تدل على دوام الجنة والنار واستمرارهما .
هذا هو الصواب الذي دلت عليه النصوص .
وأشار الإمام -رحمه الله- بقوله : "فمن زعم أنهما لم تخلقا ؛ فهو مكذب بالقرآن، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا أحسبه يؤمن بالجنة والنار"،
إلى كفر المعتزلة ؛
والمعتزلة كفَّرهم بعض أهل العلم، وبعض أهل العلم بدَّعهم ،
وظاهر كلام الإمام أحمد، أنه يكفرهم ؛ لأنه قال: "فمن زعم أنهما لم تخلقا فهو مكذب بالقرآن وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "،
والمكذب بهما كافر، والمعتزلة يزعمون أنهما لم تخلقا، وتخلقان يوم القيامة،
إذاً : فهم مكذبون بالقرآن وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولهذا قال الإمام أحمد : "ولا أحسبه يؤمن بالجنة والنار"،
لأنه لو كان يؤمن بالجنة والنار لأثبتهما وصدق كلام الله وكلام رسوله،
وهذا يفضي به إلى أنهم لا يؤمنون بالجنة ولا بالنار.
وقول الإمام -رحمه الله-: "ومن مات من أهل القبلة موحدا ؛ يصلى عليه ويستغفر له، ولا يحجب عنه الاستغفار ولا تترك الصلاة عليه لذنب أذنبه صغيرا كان أم كبيرا ، وأمره إلى الله" ،
يعني : بأهل القبلة : الموحد الذي يستقبل القبلة في الصلاة يصلي ،
كما في الحديث: 🍀"من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا ، وأكل ذبيحتنا ، فذلك المسلم ، فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله ، فلا تخفروا الله في ذمته" (أخرجه البخاري والنسائي )
يعني به : من التزم بدين الإسلام، واستقبل القبلة في الصلاة والذبح، ولم يفعل ناقضا من نواقض الإسلام،
فهذا مسلم ، له ما للمسلمين، وعليه ما على المسلمين،
فلا يُحكم عليه بالكفر إلا إذا فعل ناقضا من نواقض الإسلام،
كما في حديث عبد الله بن مسعود: "لا يحل دم امرئ مسلم، يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة"
فمن مات من أهل القبلة؛ موحدا؛ يشهد لله بالوحدانية، وللنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة،
ولم يفعل ناقضا من نواقض الإسلام،
والتزم بمقتضى التوحيد وحقوقه ، الذي هو العمل، منقاداً ؛ فهو مؤمن ،
وإلا صار مثل إبليس ، مستكبرا عن عبادة الله، غير منقادٍ ،
مع ن إبليس ، مؤمن مصدق في الباطن ، لكن ليس لديه انقياد لله ولرسوله .
فلا بد أن ينقاد بحقوقها، ولا بد أن يبتعد عما يناقضها،
فإذا ذبح لغير الله أو أشرك، أو سب الله أو سب الرسول،
أو قال الصلاة غير واجبة، أو الزنا حلال،
أو أنكر معلوماً من الدين بالضرورة ، كإنكاره نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ،
أو قال: بعده نبي، أو قال: ليس خاتم النبيين،
أو استحل محرماً مجمعاً على تحريمه ،
وغيرها من الصور الكثيرة التي تبطل التوحيد ، وتنقضه ،
كما ينقض الحدثُ الطهارة ، فإن هذا لا يكون موحداً .
----------------------
No comments:
Post a Comment