Thursday, August 18, 2016

الدرس (٦٦) شرح أصول السنة

🌴الدرس ٦) لكتاب شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى تأليف الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي حفظه الله، 

 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،

 

تابع : 💐الجنة والنار مخلوقتان :

 

وقوله صلى الله عليه وسلم :🍀 "واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء" ،

جاء في الحديث الآخر سبب ذلك ؛ وهو : أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم ،

فقالت: لم النساء أكثر أهل النار؟ فقال: 🍀"لأنكن تكثرن اللعن، وتكفرن العشير" (أخرجه البخاري ومسلم والنسائي  وابن ماجه)

والعشير: الزوج، فسبب دخولكن النار، أنكن تكثرن اللعن والشتام، وتكفرن العشير ؛

يعني : تُنْكِرْنَ إحسان الزوج .

وجاء في اللفظ الآخر: 🍀"تكفرن العشير، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر " ثم رأت منك شيئا، 

قالت: "ما رأيت منك خيرا قط" (أخرجه البخاري واللفظ له ومسلم) ، 

يعني يُسارعن إلى إنكار الجميل السابق. 

 

لكن جاء في حديث آخر: 🍀"أن النساء أكثر أهل الجنة"، 

وذلك فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 🍀"أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر لا يبصقون ، ولا يمتخطون، ولا يتغوطون، آنيتهم فيها الذهب، أمشاطهم من الذهب والفضة، ومجامرهم الألوة، ورشحهم المسك، لكل واحد منهما زوجتان، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن ..." الحديث (أخرجه البخاري واللفظ له ومسلم) 

 

وتفسير هذا : أنَّ كلّ مؤمن في الجنة له زوجتان، هذا على وجه العموم، وهناك من المؤمنين من له زوجات كثيرة.

وليس في الجنة أعزب، فالجنة إذن فيها الحور العين، وفيها المؤمنات، 

فإذا جمعت الحور العين والمؤمنات في الجنة، وما لكلّمؤمن من الزوجات، 

صار أكثر أهل الجنة النساء؛ من الحور العين، ونساء المؤمنين.

 

وأشار المؤلف بقوله : "فمن زعم أنهما لم تخلقا فهو مكذب بالقرآن وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحسبه يؤمن بالجنة والنار"،

إلى الذين يقولون : إنهما لم تخلقا الآن، وهم المعتزلة والقدرية، 

قالوا: إن الجنة والنار لم تُخلقا الآن، وإنما تخلقان يوم القيامة؛

يعني : يقولون: الجنة والنار معدومتان الآن، فإذا جاء يوم القيامة خلقهما الله!

 

وقد اعتمدوا في هذا الإنكار على عقولهم الفاسدة، وآرائهم الكاسدة، 

وقالوا : الجنة إنما يدخلها المؤمنون يوم القيامة، 

وكذا النار يدخلها العُصاة والكفار، فإذا كان ذلك كذلك ، فلاحاجة إلى خلقهما الآن، 

لأن من العبث أن تبقيا هكذا مُدداً طويلة، ولا أحد فيهما، بلا جزاء ولا حساب!!

 

والحقيقة أن هذه شبهة فاسدة؛ لأنهما في مقابل النص،

وأنتم أيها المنكرون قد صادمتم كتاب الله وسنة رسوله، 

كيف تقولون: إنهما لم تخلقا؟! والله أخبر أنهما قد خلقتا،

فقال عن الجنة: 🌹{أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} (آل عمران ١٣٣)،

وقال عن النار : 🌹{أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِيْنَ} (البقرة 24).

فقوله : أعدت بصيغة الماضي، دليل على أنهما خُلقتا. كيف تصادمون النصوص؟

 

وكذلك أيضا : فإن الأحاديث التي ذكرها المؤلف صريحة في ذلك، 

كقوله : 🍀"دخلت الجنة فرأيت قصرا" - وهذا كان ليلة المعراج، 

فقوله "دخلت الجنة"، دليل قاطع على أنها موجودة،

وألا فكيف يدخلها النبي صلى الله عليه وسلم، ويصف فيها أشياء غير موجودة،

قد قال : "فرأيت قصرا"، 

وقال كذلك "رأيت الكوثر"، الذي هو نهر في الجنة؟!

 

وكذلك قوله: 🍀"اطلعت في الجنة واطلعت في النار"، 

كيف يطلع الرسول على شيء لم يخلق؟ 

 

ومن الأدلة أيضا: ما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال خُسفت الشمسُ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس معه؛

فقام قياماً طويلاً نحواً من سورة البقرة، ثم ركع ركوعاً طويلاً ، 

ثم رفع فقام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم سجد،

ثم قام قياماً طويلاً، وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، 

ثم رفع فقام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، 

ثم رفع ثم سجد، ثم انصرف، وقد تجلت الشمس 

فقال : 🍀"إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته"،

فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله،

قالوا : يا رسول الله رأيناك تناولت شيئاً في مقامك هذا، ثم رأيناك تكعكعت،

فقال: 🍀"إني رأيت الجنة أو رأيت الجنة فتناولت منها عنقوداً لو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا، ورأيت النار فلم أر كاليوم منظراً قط ..."

 

وفي الحديث الآخر عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : 🍀"عُرضت عليَّ الجنة والنار آنفاً في عُرض هذا الحائط، فلم أر كالخير والشر"(أخرجه البخاري واللفظ له ومسلم).

 

فهذه أدلة جلية على أن الجنة والنار، موجودتان الآن، وفيها الرد على المعتزلة الذين يقولون : تخلقان يوم القيامة.

 

وقوله : 🍀"عرضت علي الجنة والنار في عُرض هذا الحائط" ؛يعني : كُشف له عنهما.

 

-------------------------- 

No comments:

Post a Comment