Thursday, August 27, 2015

الدرس (٣٧) شرح أصول السنة

🌴الدرس (37) لكتاب شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى تأليف الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي حفظه الله، 

 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،

 

🌸الإيمان قول وعمل يزيد وينقص 

 

🌸فالمرجئة طوائف. 

🍁الطائفة الأولى: الجهمية، الذين قالوا: إن الإيمان مجرد المعرفة؛ 

يعني: معرفة الرب بالقلب، والكفر هو: جهل الرب بالقلب، 

فالمؤمن عند الجهم: هو الذي عرف ربه بقلبه، 

والكافر: هو الذي جهل ربه بقلبه. 

وعلى ذلك ألزمه العلماء القول بإيمان إبليس؛ لأنه عرف ربه بقلبه كما دل على ذلك 

قوله تعالى🌹: {قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}(الأعراف 14). 

وعلى مذهب الجهم يلزم أن يكون فرعون مؤمناً؛ لأنه كان موقناً بالرب، وإن تظاهر بإنكاره،

كما قال الله تعالى:🌹 {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ۚ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}(النمل 14)،

وذكر الله عن موسى أنه قال لفرعون: {لَقَدْ عَلِمْتَ}(الإسراء 102)، والعلم: معرفة القلب. 

 

فأفسدُ ما قيل في تعريف الإيمان هو قول الجهم، وهو أفسد تعريف على وجه الأرض،

وطَرْدَ مذهبه يقتضي الحكم بالإيمان لكل أحد، ولو كان كافراً؛

لأنه ما  من أحدٍ إلا وهو يعرف ربه بقلبه؛ 

فيكون من لازم مذهبه الباطل؛

تصحيح إيمان من فعل جميع أنواع الكفر، ونواقض الإيمان، حتى ولو قتل الأنبياء، وسب الله ورسوله، وهدم المساجد، فهؤلاء جميعاً مؤمنون على مذهب الجهم؛ لأنهم يعرفون ربهم بقلوبهم. 

وهو – كما تقدم – لا يُكَفِّرُ إلا من جهل ربه بقلبه! 

فهذا من أشنع  ما قيل في تعريف الإيمان.

 

🍁الطائفة الثانية: الكرَّامية أتباع محمد بن كرام، 

يقولون الإيمان هو النطق باللسان، إذا نطق باللسان وقال آمنت، 

أو قال: لا إله إلا الله، فهو مؤمن ولو كان مكذبا بقلبه، 

فإذا نطق بلسانه فهو مؤمن، كامل الإيمان عند الكرامية، 

وإن كان مكذبا بقلبه، فإنه يخلد بالنار، ولو كان مؤمنا!!، 

فيجمعون بين المتناقضين فيقولون: هو مؤمن كامل الإيمان، وهو مخلد في النار؛

هو مؤمن كامل الإيمان لأنه آمن بلسانه، وهو مخلد في النار؛ لأنه مكذب بقلبه.

هذا مذهب الكرامية؛ الذين هم الطائفة الثانية من المرجئة. 

 

🍁الطائفة الثالثة: الماتريدية والأشاعرة، 

ومذهبهم: أنَّ الإيمان هو مجرد التصديق، ولو لم ينطق بلسانه، 

فمجرد التصديق في القلب يحصل له الإيمان، ويثبت له.

القول هو إحدى روايتين عن الإمام أبي حنيفة؛

يرى أن الإيمان هو: التصديق في القلب من دون إقرار اللسان، 

والتصديق المجرد يقول شيخ الإسلام – رحمه الله - يعسر التفريق بينه وبين المعرفة، وبينه وبين مذهب الجهم، 

ويقول: إن أبا الحسن لأشعري، نصر مذهب الجهم.

فالأعمالُ ليست داخلة في الإيمان، عند هذه الطوائف كلها.

 

🍁الطائفة الرابعة: مرجئة الفقهاء، 

وهم أهل الكوفة، ومذهبهم: أن الإيمان شيئان: تصديق بالقلب، وإقرار باللسان،

أما الإعمال فليست داخلة في مسمى الإيمان، 

هذا مذهب مرجئة الفقهاء، وهي الرواية الثانية عن الإمام أبي حنيفة، وعليها أكثر أصحابه.

وأول من قال بالإرجاء حماد بن أبي سليمان شيخ الإمام أبي حنيفة.

 

هذه طوائف المرجئة الأربع، كلهم يقولون: الأعمال ليست داخلة في مسمى الإيمان. 

وكلهم يقولون أيضاً: الإيمان شيء واحد، لا يزيد ولا ينقص.

وشبهتهم في هذا؛ إن الإيمان حقيقة مركبة، والحقيقة المركبة تزول بزوال بعض أجزائها!! وهذا قولٌ باطل؛

لأن الإنسان حقيقة مركبة، وهو مُركَّب من أجزاء، فهل إذا قُطع نصفه؛ تزول حقيقته الإنسانية؟ لا تنقص ولا تزول.

 

فهؤلاء المرجئة  كما مضى - كلهم يقولون: أن الأعمال لا تدخل في مسمى الإيمان.

هذا قول المرجئة - بطوائفهم الأربع: الجهمية، والكرامية, والماتريدية والأشعرية، ومرجئة الفقهاء، 

كلهم يقولون: الأعمال غير داخلة في مسمى الإيمان، وكلهم يقولون الإيمان لا يزيد ولا ينقص. 

 

💐وأما جماهير أهل السنة؛ الأئمة الثلاثة: الشافعي، ومالك، وأحمد، والجماهير

فإنهم يقولون: إن الإيمان قول وعمل؛                                        قول القلب، وقول اللسان،                                                      وعمل القلب، وعمل الجوارح؛

ويزيد وينقص، ويقوى ويضعف، 

والأدلة في هذا كثيرة من ذلك قول الله تعالى🌹:{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَالَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ  إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴿٢﴾ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴿٣﴾ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ۚ لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴿٤﴾} (الأنفال 2-4)،

فأدخل عمل القلب، الذي في قوله:🌹 { وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}(الأنفال 2)،

وكذلك ما ذكره في الآية من زيادة الإيمان، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والإنفاق؛ كلها دخلت في مسمى الإيمان. 

 

وقال سبحانه: 🌹{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ أُولَئِكَ هُمُ  الصَّادِقُونَ} (الحجرات 15)،

 

وقال سبحانه: 🌹{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } (النساء 65)،

 

وقال - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان: "الإيمان بضع وسبعون شعبة

وفي رواية البخاري: "بضع وستون شعبة فأعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان"، فهذه النصوص دليل واضح على أن الإيمان يتبعَّض: بضع وسبعون شعبة والبضع من ثلاثة إلى تسعة. 

 

------------------------ 

No comments:

Post a Comment