🌴الدرس (3) لكتاب شرح أصول السنة
للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى
تأليف الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي حفظه الله،
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،
🌸تابع المقدمة
هذه أنواع العلم، قال العلامة ابن القيم - رحمه الله-:
وَالعِلـمُ أقسَــامُ ثَلاَثٌ مَـا لَهَـا
مِـن رَابِـعٍ وَالحَـقُّ ذُو تِبيَــانِ عِلـمٌ بِأوصَـافِ الإِلَــهِ وَفِعلِـهِ
وَكَــذَلِكَ الأســمَاءُ لِلرَّحــمَنِ
وَالأمــرُ وَالنَّهيُ الذِي هُوَ دِينُـهُ
وَجَـزَاؤهُ يَـومَ المَعَــادِ الثَّـانِي
🌱هذه أوصافه وأفعاله.
.................. وَكَــذَلِكَ الأســمَاءُ لِلرَّحــمَنِ
🌾هذا العلم الأول.
وَالأمــرُ وَالنَّهيُ الذِي هُوَ دِينُـهُ. ..............
🌾هذا الثاني.
................... وَجَـزَاؤهُ يَـومَ المَعَــادِ الثَّـانِي
🌾هذا الثالث.
فهذه هي أقسام العلوم، 🌳أي: العلوم الشرعية،
وما عدا ذلك فإنها علوم دنيوية،
كعلم الطب، وعلم الفلك، وعلم الطبيعة، وعلم الزراعة، وعلم الصيدلة،
وكذلك سائر العلوم، كعلم الإدارة، وعلم السباكة، وعلم النجارة، وعلم الحدادة،
إلى غير ذلك من العلوم.
وهذه العلوم الدنيوية، هي فرض كفاية،
إذا أحسن الإنسان النية في تعلمها، فله أجر وله ثواب،
وإن قصد الدنيا فلا بأس، فهي علوم دنيوية، يتعلمها الإنسان حتى يتكسَّب ويتعيَّش بها،
وتكون له حرفة يقتاتُ بها، ويعف نفسه عن السؤال، وينفق على من يَعُول،
🍃فأنت إذا حسَّنت نيتك، وقصدتَ بذلك أن تكسب المكسب الشرعي لنفسك، وتنفق على نفسك وأهلكن فلا بأس،
🍃وإن زدتَ على هذا ونويت بذلك: أن تغني المسلمين عن الحاجة إلى غيرهم من الكفار،
فأنت مأجور بهذه النية.
🍂لكن العلم الشرعي لا يجوز أن تتعلمه لأجل الدنيا،
وأن تقصد به الدنيا،
لأن هذه علوم الآخرة، فعلوم الشريعة، تُتَعَلَّمُ لله، تتعبد لله،
فإن تعلمت لأجل الدنيا، فيتناولك الوعيد الشديد، المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم:
🍀"من تعلم علمًا مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة"
وإنما كان ذلك الوعيد؛ لأنك قصدت بهذه العبادة الدنيا وحطامها،
والله تعالى يقول في كتابه العظيم: 🌹{من كان يُريد الحياةَ الدنيا وزينتها نوفِّ إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يُبخسون(15) أولئك الذي ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطلٌ ما كانوا يعملون(16)}(هود)
فرقٌ بين علوم الآخرة وعلوم الدنيا،
وفرقٌ بين العلم الشرعي والعلم الدنيوي، كما تقدَّم تفصيله.
🍂العلم الدنيوي لا بأس أن تتعلمه لأجل الدنيا،
لكن إن زدت وصار لك نية بأن تفيد المسلمين وتغني المسلمين عن الحاجة إلى الكفرة وغيرهم فأنت مأجور،
🍂لكن علوم الشريعة لا يجوز أن تتعلم لأجل الدنيا أبدًا،
بل ما جاءك من الدنيا يكون وسيلة، وسيلة معينة على تعلم العلم الشرعي.
ونسأل الله أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح،
ونسأله أن يوفقنا للعمل الصالح الذي يرضيه،
ونسأله سبحانه وتعالى أن يصلح قلوبنا وأعمالنا ونياتنا،
ونسأله أن يعيذنا من الرياء والسمعة، وأن يوفقنا للعمل الصالح الذي يرضيه،
وأن يثبتنا على دينه القويم، إنه ولي ذلك والقادر عليه،
وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والرسالة التي سوف نشرحها إن شاء الله هي: "أصول السنة" لإمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى،
وهي في تقرير مذهب السلف رحمهم الله في قضايا الاعتقاد،
🌿ومن المعلوم أن مذهب السلف الصالح: الصحابة والتابعين؛
🌱وأنهم يؤمنون بالكتاب والسنة،
🌱ويؤمنون بالأسماء والصفات، ويمرونها كما جاءت،
🌱ولا يئولون، ولا يحرفون، كأهل البدع.
🌾وأهل البدع ظهروا في أواخر عهد الصحابة،
ومن هؤلاء: الخوارج، والمعتزلة، والمرجئة، والجهمية، والأشعرية، والقدرية، وغيرهم،
فهؤلاء هم فرق الضلال، الذين انحرفوا عن الجادة، وضلوا عن الصراط المستقيم،
وهم أقسام: 🌻فمنهم الكافر،
🌻ومنهم المسلم.
🌻ومنهم من قد تكون بدع مُكَفِّرة تخرجه من الملة؛
🍂كبدعة القدرية الأولى، الذين أنكروا العلم والكتاب،
وقالوا: إن الله تعالى لا يعلم بالأشياء إلا بعد وقوعها.
فهؤلاء كَفَّرَهم الصحابةُ؛ لأنهم نسبوا الله إلى الجهل،
قالوا: إن الأمر أُنف؛ 🌳أي: مستأنف وجديد،
ومِمَن كَفَّرهم من الصحابة: ابن عمر وغيره،
ثم إن هؤلاء الغُلاة انقرضوا وبقيتْ الفرقةُ المتوسطة، الذين يؤمنون بالعلم والكتاب،
ولكنهم ينكرون عموم الإرادة والمشيئة، وعموم الخلق؛
فأخرجوا أفعالَ العباد من مشيئة الله وخلقه؛
لشُبهةٍ عرضت لهم. وهؤلاء مبتدعة ليسوا كفاراً.
🍂ومثل غلاة القدرية، أيضًا: الجهميةُ الذين أنكروا الأسماء والصفات؛
وهذا في الحقيقة جحد لذات الله تعالى؛
لأن الذات لا وجود لها إلا بالأسماء والصفات،
ولهذا كَفَّرَهم من العلماء خمسمائة عالم،
كما قال العلامة ابن القيم -رحمه الله-:
وَلَقَـد تَقَلَّـدَ كُفـرَهُم خَمسُونَ في
عَشـرٍ مِـنَ العُلَمَـاءِ في البُلـدَانِ
وَاللاَّلَكَـائِيُّ الإمـامُ حَكَـاهُ عَنهُم
بـل قـد حَكَـاهُ قَبلَـهُ الطَّــبَرَانِي
🍂وكذلك الرافضة كفرهم العلماء،
وأخرجوهم من الثنتين والسبعين فرقة،
🌿والرافضة هم الذين رفضوا زيد بن علي بن الحسين لما سألوه عن أبي بكر وعمر،
فقال: هما وزيرا جَدي رسول الله، فرفضوه، فقال: رفضتموني؛
فسُمُّوا بالرافضة، وكانوا قبل ذلك يسمون بالخشبية،
وهؤلاء الروافض وقعوا في ثلاثة أنواع من الكفر:
🌰النوع الأول: أنهم يعبدون أهل البيت؛ علياً، وفاطمة، والحسن، والحسين، ويتوسلون بهم؛ وهذا شرك.
🌰النوع الثاني من الكفر: أنهم كذبوا الله بأن القرآن محفوظ؛
قالوا: إن القرآن ما هو بمحفوظ، ما بقي إلا الثلث، وثلثا القرآن طار وذهب،
ويدعون أن عندهم مصحفاً يسمى مصحف فاطمة،
يعادل المصحف الذي بين يدي أهل السنة ثلاث مرات،
والله تعالى يقول في كتابه العظيم: 🌹{إنَّا نحنُ نزلنا الذكرَ وإنَّا له لحافظون}(الحجر 9)
كذبوا الله في هذا، ومن كذب الله كفر.
🌰النوع الثالث من الكفر: أنهم كَفَّروا الصحابة،
والله تعالى زكاهم وعدلهم، ووعدهم بالجنة
قال: 🌹{وكلاَّ وعدَ اللهُ الحُسنى}(النساء 95)
وقال:🌹{وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرًا عظيما}(الفتح 29)
وقال: 🌹{والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسانٍ رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعدَّ لهم جناتٍ تجري تحتها الأنهار}(التوبة 100)
وقال:🌹 {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة}(الفتح 18)
وقال عليه الصلاة والسلام: 🍀"لا يدخل النار أحدٌ ممن بايع تحت الشجرة"
فكذبوا الله ورسوله، وقالوا: إنهم كفار، وإنهم كفروا وارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم .
ومن فرق الشيعة: الزيدية، وهم من جملة أهل البدع، ومثلهم المعتزلة؛
والجمهور على أنهم مبتدعة، وهناك من كفَّرهم،
ولكن الأشاعرة من أهل البدع.
🌷فالإمام أحمد رحمه الله في هذه الرسالة، يقرر مذهب أهل السنة والجماعة،
ويبين مذهب أهل البدع، وأنهم مخالفون لمذهب أهل السنة والجماعة،
🌷ومعلومٌ أن الإمام أحمد هو إمام أهل السنة والجماعة،
وقد امتُحن في مسألة القول بخلق القرآن، فثبته الله؛
وصبر على الأذى، والسجن، والضرب، حتى نصره الله.
🌼وقد قال بعض العلماء: إن الله تعالى حفظ الإسلام بأبي بكر الصديق يوم الردة،
وحفظ الإسلام بالإمام أحمد يوم المحنة.
********************
🌺سند الرسالة إلى الإمام أحمد
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الشيخ الإمام أبو المظفر عبد الملك بن علي بن محمد الهمداني: قال: حَدَّثَنا الشيخ أبو عبد الله يحيى بن أبي الحسن بن البنا، قال: أخبرنا والدي أبو علي الحسن بن أحمد بن البنا، قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران المعدل، قال: أخبرنا عثمان بن أحمد بن السماك، قال: حَدَّثَنا أبو محمد الحسن بن عبد الوهاب بن أبي العنبر قراءة عليه من كتابه في شهر ربيع الأول من سنة ثلاث وتسعين ومائتين، قال: حَدَّثَنا أبو جعفر محمد بن سليمان المنقري البصري بتنيس قال: حدثني عبدوس بن مالك العطار، قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه يقول:
*******************
هذا سند الرسالة إلى الإمام أحمد - رحمه الله - فهي من رواية عبدوس بن مالك أبو محمد العطار سماعًا عن الإمام إمام السنة أحمد بن حنبل -رحمه الله- وبذلك تكون هذه الرسالة سندها متصل إلى الإمام أحمد - رحمه الله- وأن هذا الجزء من مقال الإمام أحمد -رحمه الله- نعم.
*******************
No comments:
Post a Comment