🌴 كتاب شرح أصول السنة
للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى
تأليف الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي حفظه الله،
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،
🌸السنة اللازمة
🍄المتن: ومن السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة لم يقبلها ويؤمن بها لم يكن من أهلها: الإيمان بالقدر خيره وشره، والتصديق بالأحاديث فيه، والإيمان بها، لا يقال: لم ولا كيف، إنما هو التصديق والإيمان بها، ومن لم يعرف تفسير الحديث ويبلغه عقله فقد كُـفِيَ ذلك وأُحكِمَ له، فعليه الإيمان به والتسليم له، مثل حديث الصادق المصدوق.
ـــــــــــــــ
🍄يقول المؤلف رحمه الله: "من السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة لم يقبلها ويؤمن بها لم يكن من أهلها: الإيمان بالقدر خيره وشره"
🌳أي: من السنة اللازمة التي يجب على الإنسان أن يؤمن بها،ويكون من أهلها،
والتي إذا ترك الإنسان منها خصلة ولم يقبلها:
لم يكن من أهلها؛ الإيمان بالقدر خيره وشره.
🌳معناه: أن الإيمان بالقدر أصل من أصول الإيمان الستة التي من لم يؤمن بها أو جحد واحدًا منها،
فإنه يخرج من دائرة الإيمان ويكون من الكافرين.
🍂وأصول الإيمان الستة هي: "الإيمان بالله، والثاني الإيمان بالملائكة، والثالث الإيمان بالكتب المنزلة، والرابع الإيمان بالرسل، والخامس الإيمان باليوم الآخر، والسادس الإيمان بالقدر خيره وشره "
🌻هذه الأصول الستة جاءت في الكتاب والسنة،
وأجمع عليها المسلمون، وآمن بها جميعُ الأنبياء والمرسلين،
ولم يجحد شيئًا منها إلا من خرج عن دائرة الإسلام وصار من الكافرين.
وهذه الأصول دل عليها كتاب الله،
كما قال تعالى :🌹{ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ}(البقرة 285)،
وقال تعالى: 🌹{ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ}(البقرة 177)،
فهذه خمسة أصول ذُكرت في هذه الآية،
وذُكر الإيمانُ بالقدر في قوله تعالى:
🌹{إنَّا كلَّ شيءٍ خلقناه بقدر}(القمر 49)،
وقوله:🌹 {وخلق كلَّ شيءٍ فقدره تقديراً}(الفرقان 2)،
وقال سبحانه وتعالى:🌹 {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِوَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا }(النساء 136)،
🌱فجعل الكفر هو: الكفر بهذه الأصول؛
🌾فدل على أن الإيمان هو: الإيمان بهذه الأصول.
🍀ومن السنة على هذه الأصول: حديثُ جبرائيل في مجيئه للنبي صلى الله عليه وسلم، الذي رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حينما جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم في صورة رجل، شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر،
حتى جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأسند ركبتيه إلى ركبتيه،
ووضع كفيه على فخذيه،
ثم سأل عن الإسلام،
ثم سأل عن الإيمان،
ثم سأل عن الإحسان،
ثم سأله عن الساعة،
ثم سأله عن أماراتها،
فلما ولى قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أتدرون من السائل؟"
قالوا: الله ورسوله أعلم،
قال: "هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم"،
فجعل الدين ثلاث مراتب: الإسلام، ثم الإيمان، ثم الإحسان.
والشاهد أنه لما سأله عن الإيمان قال: 🌻(الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره).
💐إذًا الإيمانُ بالقدر أصلٌ من أصول الإيمان؛ فمن لم يؤمن بالقدر فليس بمؤمن.
💐والإيمان بالقدر يتضمن الإيمان بمراتبه الأربع وهي:
العلم، والكتابة، والمشيئة والإرادة، والخلق والإيجاد،
هذه مراتب القدر الأربع التي من لم يؤمن بها لم يؤمن بالقدر؛
"العلم، والكتابة، والمشيئة والإرادة، والخلق والإيجاد".
🌻فالإيمان بالمرتبة الأولى وهي العلم،
يشمل الإيمان بعلم الله الأزلي الماضي الذي ليس له بداية؛
لأن الله تعالى هو الأول الذي لا بداية لأوليته،
كما أنه الآخر الذي لا بداية لآخريته.
🌳فالإيمان بعلم الله الأزلي معناه: أنه كما علم بالأشياء في الأزل،
فكذلك: يعلم الأشياء الحاضرة والمستقبلة،
فالله تعالى علم الأشياء في الأزل قبل كونها،
ويعلم ما لم يكن، لو كان كيف يكون؛
قال تعالى عن الكفار لما سألوا الرجعة إلى الدنيا:🌹{وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28)}(الأنعام 28)،
فعَلِمهُ بأنهم لو رُدوا لعادوا لما نهوا عنه، هذا دليل على علم الله بما لم يكن، لو كان كيف يكون،
وقوله تعالى: 🌹{وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْ ۖ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَّهُم مُّعْرِضُونَ}(الأنفال 23)،
أخبر بما لم يكن لو كان كيف يكون.
وكذلك قوله عن المنافقين: الذين تخلفوا عن عزوة تبوك:🌹 {وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ (46) لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47) }(التوبة 46،47)،
هو من هذا الباب، فهذه المفاسد المترتبة على خروج المنافقين مع أنها لم تقع، لكن الله علمها،
فكان من حكمته أن منعهم من المخروج، وثبطهم؛ لئلا تحصل هذه المفاسد.
🌸المرتبة الثانية: الكتابة؛
🌳أي: الإيمان بالكتابة، وأن الله كتب كل شيء في اللوح المحفوظ؛
الذوات، والصفات، والأفعال، والحركات، والسكنات، والأرزاق، والأعمال، والأخلاق، والسعادة، والشقاوة، والفقر، والغنى،والإعزاز، والإذلال، والحياة، والموت، حتى العجز والكيس؛ فكل شيء مكتوب.
ودل على هذه المرتبة أدلة،
قال الله تعالى:🌹 {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۗ إِنَّ ذَٰلِكَ فِي كِتَابٍ}(الحج 70)
🍁والمراد بالكتاب: اللوح المحفوظ،
وقال تعالى:🌹 { مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ }(الحديد 22)
🍁أي: اللوح المحفوظ،
قال تعالى:🌹 {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ﴿١٠٥﴾}(الأنبياء 105)
فالذكر في هذه الآية، 🍁هو اللوح المحفوظ،
وقال عليه الصلاة والسلام: 🍀"وكتب في الذكر كل شيء"
🍁وهو اللوح المحفوظ،
وقال سبحانه وتعالى: 🌹{وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ }(يس 12)
والمراد بالإمام المبين: 🍁اللوح المحفوظ،
وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه الإمام مسلم،
من حديث عبد الله بن عمرو: 🍀"كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة،
وقال: وعرشه على الماء".
وقال عليه الصلاة والسلام، فيما ثبت عنه: 🍀"أن أول ما خلق الله القلم قال له اكتب، قال: يا رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة".
وفي لفظ:🍀 "فجرى في تلك الساعة ما هو كائن إلى يوم القيامة" .
🍂فهاتان المرتبتان من لم يؤمن بهما: لم يؤمن بالقدر،
وهاتان المرتبتان أنكرتهما طائفة القدرية الأولى الذين ظهروا في عصر الصحابة،
فكفرهم الصحابة، ابن عمر وغيره؛
لأنهم نسبوا الله إلى الجهل،
لكن هؤلاء انقرضوا وانتهوا،
وهم الذين قال فيهم الإمام الشافعي -رحمه الله- وغيره:
(ناظروا القدرية بالعلم، فإن أقروا به خُلِصُوا، وإن أنكروه كفروا).
--------------------------
🌸السنة اللازمة
(1) ما معنى: "من السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة لم يقبلها ويؤمن بها لم يكن من أهلها: الإيمان بالقدر خيره وشره"
(2) ما هي أصول الإيمان الستة؟ وأين جاءت؟ ومن جحد بها؟
(3) اذكري الآية التي تضمنت خمسة أصول؟
(4) اذكري الآيات التي دلت على القدر؟
(5) أذكري الآية التي فجعل الله الكفر هو الكفر بهذه الأصول.
(6) دل على أن الإيمان هو ماذا؟
(7) اذكري من السنة على هذه الأصول؟
(8) حديث جبريل جعل الدين كم مرتبة؟ وما هو الشاهد؟
(9) هذا يدل على أن الإيمان بالقدر ماذا؟
(10) الإيمان بالقدر يتضمن ماذا؟ ومن لم يؤمن بها يعتبر ماذا؟
(11) الإيمان بالمرتبة الأولى وهي العلم، يشمل ماذا؟
(12) الإيمان بعلم الله الأزلي معناه ماذا؟
(13) ماذا قال تعالى عن الكفار لما سألوا الرجعة إلى الدنيا؟هذا دليل على ماذا؟
(14) اذكري أدلة لما أخبر تعالى بما لم يكن لو كان كيف يكون.
(15) ما هي المرتبة الثانية؟ وما معناها؟ مع ذكر الأدلة من الكتاب والسنة؟ وما المراد؟
(16) هاتان المرتبتان من لم يؤمن بهما ما حاله؟
(17) من أنكر هاتان المرتبتان؟ وماذا فعل الصحابة؟ ولماذا؟
(18) هل هؤلاء موجودون اليوم؟
(19) ماذا قال فيهم الإمام الشافعي -رحمه الله- وغيره؟
----------------------------