🌴الدرس (52) لكتاب شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى تأليف الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي حفظه الله،
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،
🌸قتال اللصوص والخوارج:
🍄المتن: قال المؤلف رحمه الله: "وقتال اللصوص والخوارج جائز إذا عرضوا للرجل في نفسه وماله،
فله أن يقاتل عن نفسه وماله ويدفع عنها بكل ما يقدر،
وليس له إذا فارقوه أو تركوه أن يطلبهم، ولا يتبع آثارهم،ليس لأحد إلا الإمام أو ولاة المسلمين،
إنما له أن يدفع عن نفسه في مقامه ذلك وينوي بجهده أن لا يقتل أحدا،
فإن مات على يديه في دفعه عن نفسه في المعركة؛ فأبعد الله المقتول،
وإن قُتل هذا في تلك الحال وهو يدفع عن نفسه وماله؛رجوت له الشهادة،
كما جاء في الأحاديث وجميع الآثار في هذا إنما أمر بقتاله، ولم يؤمر بقتله ولا اتباعه،
ولا يُجهِز عليه إن صرع أو كان جريحا،
وإن أخذه أسيرا فليس له أن يقتله، ولا يقيم عليه الحد، ولكن يرفع أمره إلى من ولاه الله؛ فيحكم فيه".
ـــــــــــــــ
الشرح:
من عقيدة أهل السنة في قتال اللصوص والخوارج: أنه إذا جاء لص في بيتك يريد أن يأخذ مالك،
أو في بيت غيرك، أو في أي مكان يريد أن يأخذ مالك، أو تعرَّض لك بعض الخوارج، وصال عليك، فهل لك أن تستسلم، أو تدفع عن نفسك؟
الصحيح أنَّ المرءَ يدفع عن نفسه، وعن ماله، وعن أهله.
ولكن عليه أن يدفع هذا اللص أو الخارجي بالأسهل فالأسهل،
فإذا اندفع بالضرب فلا يقتله، بل يضربه حتى يندفع، أو يكسر يده مثلاً، أو يقطعها، ولا يقتله،
فإذا كان – كما مضى – لا يندفع إلا بقطع اليد، أو الكسر؛ فله،
وإذا اندفع بالضرب بالعصا؛ فلا يضربه بالسيف ولا بالسلاح،
وإذا لم يندفع؛ فله أن يدفع بالأخف فالأخف، ولا ينوي قتله، بل يدفع بالأسهل فالأسهل.
وإذا هرب فليس له أن يطلبه، ويقاتله؛ ما دام أنه هرب وخرج من البيت، أو من المكان، وسلمت من شره؛
فاتركه، ولا تطلبه، ولا تتبع أثره: إنما الذي يلحقه ويتبع أثره: الولا، أو الإمام، والشُّرَطُ،
فهؤلاء هم الذي يلحقونه حتى يُؤَدَّبَ ويُقام عليه الحد أو التعزير، فهذا لولاة الأمور،
أما أنت فليس لك أن تلحقه ثم تأخذه وتؤدبه وتضربه، أو تطلق عليه النار،
لكن لا مانع أن تبلغ، تبلغ ولاة الأمور، وتبلغ الشَّرَطَ، حتى يؤخذ ويُؤَدَّب.
لكن إذا لم يندفع إلا بالقتل؛ فهو إما أن يقتلك أو تقتله، فلك قتله في هذه الحالة؛ للضرورة، لا تستسلم للقتل،
فإن قَتَلْتَهُ؛ يقول الإمام: "أبعده الله"، وإن قتلك أنت؛ "فأنت شهيد".
ولهذا قال: في حال أنه قَتَلَكَ وأنت تدافع عن نفسك: "رجوت له الشهادة، كما جاء في الأحاديث وجميع الآثار في هذا إنما أُمِر بقتاله، ولم يؤمر بقتله ولا اتباعه"،
فأنت مأمور إذاً بقتاله لا بقتله، وهناك فرق بين الأمرين –بين القتل والقتال - ،
القتالُ دفاعٌ عن النفس؛ فإذا قاتلك تقاتلُه؛ تدفعُ عن نفسك، ولست مأموراً بقتله، ولكنك مأموراً بقتاله؛
دفاعا عن النفس، ولست مأمورا باتباعه واللحق به، وطلبه إذا هرب أو فارقك.
وذكر الإمام أحمد أيضاً: أنه ليس لك أن تُجهز عليه إذا صُرِعَ، أو جُرِحَ،
ما دام أنك سلمت من شره، بل يُسلّمه لولاة الأمور، أو يُسَلَّم للشُّرط،
وكذلك إن أخذته أسيرا: ليس لك أن تقتله.
وليس لك أن تقيم عليه الحد؛ فبعض الناس يكون أقوى منالسارق،
فيأخذه ويوثقه بالوثاق، ويربط يديه ورجليه،
وقد يقول: أقْتُلُه الآن، أو أقطع يده؛ لأنه سارق!! فليس لك هذا،
وإنما تسلمه لولاة الأمور، ولا تُقم تقم عليه الحد؛
لأن إقامة الحد، من شأن ولاة الأمور، ولكن ترفع أمره لهم.
والدليل على هذا الأحاديث، ما ثبت في الصحيحين، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:🍀 "من قتل دون ماله فهو شهيد"(أخرجه البخاري)،
وفي لفظ: "من قُتل دون أهله فهو شهيد"(أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وأحمد، وصححه الشيخ الألباني).
ومنها أيضالً: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: "فلا تعطه مالك"،
قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: "قاتله"،
قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: "فأنت شهيد"،
قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: "هو في النار"(أخرجه مسلم واللفظ له، والنسائي وأحمد والبيهقي).
ومن كلام الإمام أحمد -رحمه الله- في هذا الباب؛
ما رواه الخلال في كتاب السنة، "قال: أخبرني عبد الملك الميموني أنه قال لأبي عبد الله – يعني: الإمام أحمد- :
هل علمت أحدا ترك قتال اللصوص تأثما؟ أي خشية الإثم، قال: لا،
قلت: قوم يقولون: إن لقيتهم فقاتلهم، لا تضربه بالسيف وأنت تريد قتله،
قال: إنما أضربه لأمنع نفسي ومالي منه،
فإن أصيب فهل فيه، قلت: نعم يا أبا عبد الله أعلم أني أضربه بالسيف، ولست آلو قطع يده ورجله، وأشاغله عني بكل ما أمكن، قال: نعم، وقد كنت قلت له: في أن يخرج عليه؟
قال: وهو يدعوك حتى تخرج عليهم، هم أخبث من ذلك،
ورأيته يعجب ممن يقول: أقاتله وأمنعه وأنا لا أريد نفسه؛أي فهذا مما لا ينبغي أن يشغل به القلب،
له قتاله ودفعه عن نفسه بكل ما أمكنه أصاب نفسه أو بقيت"(السنن للخلال).
وروي بسند صحيح عن الإمام أحمد، قال: "أرى قتال اللصوص إذا أرادوا مالك ونفسك، فأما أن تذهب إليهم أو تتبعهم إذا ولوا فلا يجوز لك قتالهم"(السنن الخلال).
💐فالمقصود أن قتال اللصوص، وقتال الخوارج، إنما يقاتلهم الإنسان دفاعاً عن نفسه،
فلا يستعمل السلاح، وإذا اضطر إلى السلاح: فإنه يضربه بشيء يؤثر على بعض أعضائه؛
حتى يشتغل بنفسه عنه.
********************************
No comments:
Post a Comment