Wednesday, December 16, 2015

الدرس (٤٩) شرح أصول السنة

🌴الدرس (49) لكتاب شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى تأليف الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي حفظه الله، 

 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،

 

الصلاة خلف الأئمة برهم وفاجرهم:

 

🍄المتن: قال المؤلف رحمه الله: "وصلاة الجمعة خلفه وخلف من ولاهجائزة باقية تامة ركعتين، من أعادهما فهو مبتدع تارك للآثار، مخالف للسنة، ليس له من فضل الجمعة شيء، إذا لم ير الصلاة خلف الأئمة من كانوا؛ برهم وفاجرهم، فالسنة بأن يصلي معهم ركعتين، ويدين بأنها تامة، لا يكن في صدرك من ذلك شك. 

ـــــــــــــــ 

من عقيدة أهل السنة والجماعة: أن صلاة الجمعة خلفالأمير، وولي الأمر، والملك، ورئيس الدولة:

جائزة، تامة: ركعتين؛

من أعادهما فهو مبتدع تارك للآثار، مخالف للسنة.

فإذا تولى الإمام وصار يصلي بالناس الجمعة، فإن الناس يصلون خلفه، 

ولو كان فاجرا، ولو كان عاصيا، والصلاة خلفه صحيحة، ومن أعادها، فهو مبتدع. 

 

والحكمة في ذلك: أن عدم الصلاة خلفه؛ يفضي إلى النزاع والشقاق؛ وانقسام المسلمين، واختلاف الكلمة، 

والإسلام متشوف إلى جمع الكلمة، وإلى الائتلاف، 

فلو كان بعض الناس لا يصلي خلفه يقول: إنه فاسق أو عاص، 

فإن هذا مدعاة إلى التفرق، وحصول النزاع، والانقسام؛

مِمَّا يُطمِّع أعداءهم فيهم.

 

وكان الخلفاء والأمراء في زمن الدولة الأموية، والعباسية،

هم الذين يتولون الإمامة، ويصلون بالناس، وكان بعضهم مع هذا عاصيا،

فكان الصحابة وكذلك التابعون، يصلون خلفهم، كالجاج بن يوسف، فإنه كان فاسقا ظالما، 

ومع ذلك، صلوا خلفه الجمعة والعيدين، والصلوات كلها.

 

وكذلك إذا صلى الأمير الذي ولاه الخليفة أو الإمام، فإنه يُصلَّى خلفه، 

مثل ما ولى عبد الملك بن مروان، الحجاج على العراق،

وصار الحجاج يصلي بالناس الجمعة، والجماعة، والعيدين، والصحابة يصلون خلفه، 

وكما صلى الصحابة خلف الوليد بن عقبة بن أبي معيط في زمن عثمان، 

وكان أخاه من أمه، وكان فاسقا يشرب الخمر، وصلى بهم وكان الصحابة يصلون خلفه، 

وكان أمير الكوفة، وصلى بهم مرة الفجر وهو سكران، ولم يعلموا أنه سكران،

فلما صلى ركعتين التفت فقال: هل تريدون أن أزيدكم؟ 

فقال له ابن مسعود: ما زلنا معك منذ اليوم في زيادة، 

ثم أعادوا الصلاة، ثم جلده أمير المؤمنين؛ جَلَدَه الحدَّ: ثمانين. 

 

والشاهد من هذا: أن الصحابة، كانوا يصلون خلف الولاة والأمراء، ولو كانوا فسقة، 

والحكمة في ذلك: جمع الكلمة، وعدم الفرقة؛ 

ولهذا قال المؤلف: "صلاة الجمعة خلفه جائزة، وخلف من وَلاَّه جائزة، باقية تامة، ركعتين، 

من أعادهما فهو مبتدع تارك للآثار"، وإنما كان مبتدعاً؛

لأنه خالف الجماعة، وتسبب في الفرقة، وخالف الأحاديث والسنة التي دلت على مشروعية الصلاة خلفهم.

فمثل هذا ليس له من فضل الجمعة والجماعة شيء، إذا لم ير الصلاة خلف الأئمة: برهم وفاجرهم.

 

قال: "فالسنة أن يصلي معهم ركعتين، ويدين بأنها تامة"، 

أي: يعتقد دينا أنها صحيحة، وأن هذا دين، ولهذا قال: "لا يكن في صدرك من ذلك شيء"، 

وعلى هذا: فمن أعاد الصلاة أو من لم يصل خلفهم، فهو مبتدع عند أهل السنة والجماعة. 

 

لكن هل تصح الصلاة أو صلاة الجمعة، خلف الفاسق؛ غير الإمام؟ 

هذا فيه تفصيل، فإن كان لا يوجد إلا جمعة واحدة في البلد، وإمامها ؛ فإنه يصلى خلفه؛

لأنه لو لم يصل خلفه؛ صلَّى وحده، وهذا بدعة.

فإذا لم تُوجَد إلا هذه الجمعة، أو هذا الجامع الذي إمامه فاسق؛

فإنه يصلي خلفه عند عامة أهل السنة، ومن تركه ولم يصل خلفه، وصلَّى وحده: فهو مبتدع.

 

لكن إذا وجد إمام مسجد آخر؛ جمعة أو جماعة، إمامه عادل، وصلى خلف الفاسق مع وجود العادل، فهل تصح صلاته أو لا تصح؟ 

إن كان يترتب على ترك الصلاة خلف الفاسق مفسدة؛ فيصلى خلف الفاسق، 

كأن يترتب على ترك الصلاة خلفه تَحَزُّب الناس حزبين:

حزب مع الإمام وحزب مع الذي لم يُصل خلفه، فتحصل فُرقة واختلاف، فهذا يصلى خلفه. 

 

أما إذا لم يترتب على هذا مفسدة، وصلى خلف الفاسق مع وجود العادل، ففيه خلاف بين العلماء، 

فمن العلماء من قال: تصح، ومنهم من قال: لا تصح، 

ومنهم من قال: تصح، ويُعيد،

ومنهم من قال: لا يعيد.

وسبب من رأى عدم الصلاة خلفه: أنه إذا صلى خلفه فاسق؛ لم ينكر المنكر عليه؛

فيكون قد أقرَّه عليه؛ والواجب إنكار المنكر.

فإذًا يُصلى خلف الفاسق: إذا كان إمام المسلمين، وإذا كان قد ولاه إمام المسلمين، 

أو إذا لم يوجد جماعة أخرى أو جمعة، ويترتب على ترْك الجمعة والجماعة مفسدة. 

 

******************

No comments:

Post a Comment