🌴الدرس (47) لكتاب شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى تأليف الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي حفظه الله،
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،
🌸السمع والطاعة للأئمة
🍄المتن: قال المؤلف رحمه الله تعالى: "والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البر والفاجر، ومن ولي الخلافة، واجتمع الناس عليه ورضوا به، ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة، وسُمي أمير المؤمنين، والغزو ماضٍ مع الأميرِ إلى يوم القيامة البرِ والفاجرِ لا يُترك ، وقسمة الفيء وإقامة الحدود إلى الأئمة ماض ليس لأحدٍ أن يطعن عليهم ولا ينازعهم، ودفع الصدقات إليهم جائزة نافذة من دفعها إليهم أجزأت عنه برا كان أو فاجرا.
ـــــــــــــــ
هذا البحث خاص بالأئمة وولاة الأمور،
يقول المؤلف رحمه الله فيه: "والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البر والفاجر ومن ولي الخلافة".
يعني: من عقيدة أهل السنة والجماعة، ومن أصول الدين والسنة عندهم:
السمع والطاعة للأئمة، للأئمة وولاة الأمور، وأمير المؤمنين:البر والفاجر.
هذه عقيدة أهل السنة: أنهم يسمعون ويطيعون للإمام،
وأمير المؤمنين، سواء كان برا أو فاجرا، ولا يخرجون عليه.
فمن اجتمع الناس عليه، ورضوا به،
أو من غلبهم بالسيف، حتى صار خليفة، وسُمي أمير المؤمنين؛
فقد وليَ الأمر، وصار خليفة للمسلمين، ووحب له السمع والطاعة، برا كان أو فاجرا.
تثبت الولاية بواحدة من ثلاثة أمور:
💐الأمر الأول: الانتخاب من أهل الحل والعقد، أو الاختيار.
فإذا انتخبه أو اختاره أهل الحل والعقد؛ ثبتت له الخلافة والإمامة.
💐الثاني: أن يعهد إليه الخليفة السابق بولاية العهد، فتنتقل الخلافة إليه بذلك.
💐الأمر الثالث: أن يغلبهم بسيفه ،وقوته، وسلطانه، حتى يستتب له الأمر، وتثبت له الخلافة بالقوة والغلبة، فهذا أيضاً: خليفة للمسلمين.
وقد وقع الخلاف في الطريقة التي ثبتت بها الخلافة لأبي بكر رضي الله عنه،
فقال قوم: ثبتت له الخلافة بالنص الجلي، وقال قوم: بالنص الخفي؟
والصواب: أنه ثبتت له الخلافة بالاختيار والانتخاب؛
وذلك لما اجتمع الأصحاب في سقيفة بني ساعد، وجاءهم عمر، وعثمان، وأبو عبيدة،
فتكلم عمر، وتكلم أبو بكر، وقال: اختاروا إما: عمر وإما أبو عبيدة
فقال عمر: "أرضِيَكَ الرسول صلى الله عليه وسلم لدينه، أفلا نرضاك لدنيانا. فبايعه وبايعه الناس"،
ولو كان هناك نص ما حصل خلاف بين الصحابة، ولا اجتمعوا، ولذكر عمر النص وأبو عبيدة، رضي الله عنهما.
وأما ما ذكر من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمرأة التي قالت: أين أجدك؟
قال:🍀 "إن لم تجديني فأتي أبا بكر"(أخرجه البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم)،
وكون النبي صلى الله عليه وسلم قدَّمه يصلي بالناس،
وقال صلى الله عليه وسلم: 🍀"مروا أبا بكر فليصل بالناس"،(أخرجه البخاري ومسلم)
وقوله:🍀 "لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا"(أخرجه مسلم والترمذي وابن ماجه وأحمد )،
فهذه ليست نصوصاً صريحة في أنه الخليفة من بعده،
وإنما هي إرشاد من النبي صلى الله عليه وسلم لاختياره وانتخابه.
هذا هو الصواب، أن الخلافة ثبتت للصديق بالاختيار والانتخاب من أهل الحل والعقد.
ولا يشترط أن يُبايعَ كُلُّ أحد، بل يكفي عنهم العلماء، والأعيان، والوجهاء، ورؤساء القبائل، والباقي تبعٌ لهم.
هي وليست الانتخابات التي نسمعُ عنها الآن، هي من هذا الباب؛
وهي التي تكون عن طريق الأصوات والمرشحين؛
فتختلط فيها أصوات العقلاء، والمجانين، والنساء، والصبيان؛
كل هذه الأصوات مقبولة عند أصحابها،
حتى المجنون يصير له صوت!! فهذه الطريقة ليست شرعية.
فالاختيار والانتخاب، إنما هو من أهل الحل والعقد،والعقلاء، والوجهاء، ورؤساء القبائل، والعلماء؛
هؤلاء هم أهل الحل والعقد، وهم الذين يبايعون، والباقي تبعٌ لهم.
إذاً: فقد ثبتت الخلافة بالاختيار والانتخاب للصديق،
وثبتت أيضاً بالاختيار والانتخاب لعثمان رضي الله عنه،
وثبتت الخلافة لعلي لمَّا بايعه أكثر أهل الحل والعقد،
وامتنع معاوية وأهل الشام؛ لا طلبا للخلافة، وإنما مطالبة بدم عثمان،
وإلا فإن معاوية لا يطالب بالخلافة، ولا يقول: إنه أولى بالخلافة من علي،
وإنما امتنع؛ للمطالبة بدم عثمان.
أما عمر ثبت له الخلافة بولاية العهد فمن الصديق،
ولم تثبت الخلافة بعد ذلك من عهد الخلفاء الراشدين إلى اليوم،
إلا بأحد أمرين: إما بولاية العهد، وإما بالقوة والغلبة.
ولا بد أن تتوفر الشروط في الخليفة الذي يُختار،
فمن الشروط أن: يكون قرشيا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم 🍀" الأئمة من قريش "
ولقوله الرسول صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الصحيحين🍀: "لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان " ثم قيدها بقوله:🍀 "ما أقاموا الدين"(أخرجه البخاري والنسائي وأحمد)، فشَرَطَ أن يقيموا الدين.
أما إذا لم يوجد من قريش من يقيم الدين، فإنه يُختار من غيره،
ولا بد أن تتوفر فيه يكون الشروط المُعْتَبَرَة:
وشروط اختيار الإمام: أن يكون مسلما، وأن يكون قرشيا، وأن يقيم الدين، وفيه الصفات التي تؤهله للخلافة.
هذا إذا كان الاختيار، هو اختيار المسلمين؛
ولذلك أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، كلهم من قريش، وكذلك معاوية، والدولة الأموية، والعباسية.
---------------------------------