🌴الدرس (40) لكتاب شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى تأليف الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي حفظه الله،
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،
كفر تارك الصلاة
🍄المتن: قال رحمه الله: "ومن ترك الصلاة فقد كفر، وليس من الأعمال شيء تركه كفر إلا الصلاة، من تركها فهو كافر، وقد أحل الله قتله".
-----------------
فالأمر في هذا جدُّ خطير.
فالواجب على المسلم أن تشتد عنايته بالصلاة، وأن يحافظ عليها، وأن يؤديها في الوقت، ويؤديها في الجماعة، ويحرص على الخشوع، وحضور القلب، والطمأنينة، ومتابعة الإمام؛
لأن الصلاة هي آخر ما يُفقد من الدين،
ولأن حظ المسلم من الإسلام على قدر حظه من الصلاة،
ولأن من حافظ على الصلاة، فإنه لما سواها أحفظ،
ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، وليس بعد ذهابها إسلام ولا دين،
ولأن المسلم إذا أقام الصلاة وأداها وأقامها كما أمر الله، نهته عن الفحشاء والمنكر،
كما قال الله تعالى🌹: { إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ۗ} (العنكبوت 45)،
وصلاة الجماعة واجبة لا يجوز للمسلم أن يتخلف عن الجماعة إلا بعذر،
ومن تخلف عنها من غير عذر؛ فقد تشبه بالمنافقين.
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:🍀 "من سمع النداء ثم لم يجب فلا صلاة له إلا من عذر" وثبت في الصحيح أن رجلا أعمى سأل النبي صلى الله عليه وسلم وهو عبد الله بن أم مكتوم، فقال: يا رسول الله إني رجل ضرير البصر ولي قائد شاسع الدار يلائمني، فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي،
قال: "هل تسمع النداء؟ قال: نعم، قال: لا أجد لك رخصة"
وفي الصحيح : أنه رخص له أولا ثم رده ثانيا. فقال: هل تسمع النداء بالصلاة؟، فقال نعم: قال فأجب"
فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يجد رخصة لهذا الأعمى الضرير، الذي ليس له قائد يلائمه،
فكيف يجد الإنسان لنفسه رخصة وهو صحيح ليس به علة؟
وفي الحديث:🍀"ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان".
أو كما قال - عليه الصلاة والسلام –
وقد هم النبي صلى الله عليه وسلم أن يحرق بيوت قوم بالنار؛ لا يشهدون الجماعة،
فقال:🍀 " لقد هممت أن آمر بحطب ليحطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ثم أخالف إلى رجال فأحرّق عليهم بيوتهم"(أخرجه البخاري واللفظ له، ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه)؛
يعني: بيوتهم.
وثبت عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته، لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم" (أخرجه مسلم واللفظ به، والنسائي وابن ماجه وأحمد) ،
ثم قال: "ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف"،
قوله: "لو تركتم سنة نبيكم لضللتم" هذا دليل على أن من ترك الجماعة يقال له: ضال،
وفي رواية: "لكفرتم" (أخرجه أبو داود). لكن فيها ضعف.
🌱وفيه دليل على أن الصحابة كانوا يحرصون على الجماعة،
حتى إن المريض يهادى بين اثنين حتى يقام في الصف،
🌱وفيه: أن التخلف عن الجماعة من علامات النفاق،
ولهذا قال -رضي الله عنه: "ولقد رأيتنا – يعني: معشر الصحابة -، وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق.
وقال عليه الصلاة والسلام:🍀 " إن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا"
فالجماعة والاجتماع في الصلاة شأنه عظيم؛ لأن فيه ِ إشعاراً وإظهاراً لهذه الشعيرة العظيمة.
🌱وفيه: اجتماع المسلمين وتآلفهم، وترابطهم، وتعاونهم.
والائتلاف والاجتماع مظهرُ قوةٍ أمام الأعداء.
فهذه من محاسن الشريعة؛ الاجتماع للصلاة، والتآلف، والترابط، والتراحم بين المسلمين.
ومِنْ أسَفٍ أن هذه الصلاة أضاعها كثيرٌ من الناس، وتهاونوا بها،
وجعلوها من آخر أمورهم اهتمامً؛ يصلونها في وقت فراغهم!!.
فالصحابة والسلف رضوان الله عليهم كانوا يعتنون بها عناية عظيمة،
وكان كثير من السلف يحرص على تكبيرة الإحرام لا تفوته،
فكانت تمضي عليه مدة لم تفته تكبيرة الإحرام،
لكن ابتلي الناس في هذا الزمن بالعوائق والصوارف التي تصرف الناس عن الصلاة، وخصوصا صلاة الفجر،
فلا تكاد تجد المحافظين على صلاة الفجر إلا قلة،
بسبب ما ابتلي الناس به من السهر على آلات اللهو، ومشاهدة القنوات الفضائية , والشبكة المعلوماتية , وما ينشر فيها من الشرور والبلاء، والفتن، والتشكيك في دين الإسلام، والتفسخ والعري، وتعليم الإجرام، والزندقة.
فهذه الأمور كلها كانت سببا في تضييع صلاة الفجر وتأخيرها عن وقتها،
وسبباً في انتشار الفساد الخُلقي، وحلول الشرور والفتن،التي تنذر بخطر وشر كثير،
إن لم يتدارك الناس أنفسهم، وإن لم يتدارك ذلك العقلاء ويأخذوا على أيدي السفهاء؛
فأعداء الإسلام والمفسدون، باتت بأيديهم مفاتيح الشرور،
والتي منها هذه القنوات الفضائية التي يشاهدها الناس،
وفيها مواقع للتشكيك في دين الإسلام،
ومواقع تدعو إلى النصرانية،
ومواقع تدعوا إلى الرذيلة، والتفسخ والعري،
ومواقع تفسد العقيدة، وتؤثر على عقائد الناس وتصوراتهم، حتى يعتقدوا الباطل ويعتنقوه،
ويعتقدوا ما يخالف الحق، إلى غير ذلك من الشرور والفتن،
فنسأل الله أن يعصمنا وإياكم جميعا من الفتن، ما ظهر منها وما بطن.
والواجب على المسلم في وقت الفتن؛ أن يُقبل على العلم الشرعي، وعلى العبادة،
فذلك مما يعصمه من الفتن، فالعصمة من الفتن إنما تكون بلزوم الكتاب والسنة، والاعتصام بهما،
ولزوم العبادة، ولزوم أهل الخير، والبعد عن الأشرار، وعن مواطن الشر والفتن وأسبابها؛
وذلك بتطهير البيت من هذه آلات والأجهزة الخبيثة، والبعد عن مواقع البث السيئة،
وعدم استعمال الأشرطة الخبيثة، وتواصي الناس بالحق،
وحث الناس بعضهم بعضا على الخير،
وتحذيرهم من الذنوب والآثام، حتى يسلموا من هذه الشرور والفتن،
لأن من آثار الاستمرار على الشرور والفتن، حصول العقوبات، والمصائب، والنكبات، وحلول المَثُلات؛
لقول النبي صلى الله عليه وسلم:🍀 "إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك الله أن يعمهم بعقابه"(أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد وأبو يعلى والحميدي وابن حبان، وصححه الشيخ الألباني)
فنسأل الله أن يكفينا الشرور والفتن، وأن يعصمنا منهما،
فإنَّ العقوبات والمصائب والنكبات كلها من آثار الذنوب والمعاصي،
وإلا فما الذي ما الذي أخرج الأبوين من الجنة؛ دار اللذة والسرور؛ إلا الذنوب والمعاصي،
وما الذي أغرق أهل الأرض في زمن نوح، حتى علا الماء على رءوس الجبال؛ إلا الكفر والذنوب والمعاصي،
وما الذي أهلك عادا بالريح العقيم؛ إلا الذنوب والمعاصي.
🌹{ مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ } (الذاريات 42)،
وما الذي أهلك ثمود بالصيحة، حتى تقطعت أمعاءهم في أجوافهم؛ إلا الذنوب والمعاصي.
وما الذي أغرق فرعون وقومه، إلا الذنوب والمعاصي،
وما الذي أرسل على بني إسرائيل قوما سلطهم عليهم، فجاثوا خلال الديار، وخَرَّبوها، ونهبوا الأموال؛ إلا الذنوب والمعاصي.
وفي الحديث الصحيح الذي رواه الإمام البخاري من حديث زينب -رضي الله عنها مرفوعاً-:🍀 "لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه"،
وحلق بأصبعيه: الإبهام والتي تليها،
قالت زينب بنت جحش: فقلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: "نعم إذا كثر الخبث" (أخرجه البخاري واللفظ له، ومسلم والترمذي وابن ماجه وأحمد) .
والخَبَثُ: المعاصي.
فنسأل الله لنا جميعا الثبات على دينه والاستقامة عليه حتى الممات؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
********************
No comments:
Post a Comment