🌴الدرس (18) لكتاب شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى تأليف الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي حفظه الله،
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،
تابع: القرآن كلام الله وليس بمخلوق
تابع الأسئلة:
س(8) أحسن الله إليكم. يقول السائل: إن تخلل حياة الصحابي ردة هل يعتبر صحابيا؟
ج(8) إذا مات على الإسلام فإنه لا يضره هذا الردة،
وكذلك الإنسان إذا تخلل عمله ردة ثم تاب ومات على الإسلام لا يبطل عمله، بل يحرزه بتوبته،
أما إذا مات على الكفر -والعياذ بالله- فإنه تبطل أعماله كلها،
لكن إذا تاب الله عليه؛ فتاب، ومات على الإسلام، بقيت أعماله؛
قال الله تعالى في كتابه العظيم:🌹 {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }(البقرة 217)
فاشترط لحبوط العمل الموت على الكفر،
وقال سبحانه: {وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}(المائدة 5).
س(9) أحسن الله إليكم. هذا سائل من فرنسا يقول: جاء في الحديث: "أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه"
ما صحة هذا الحديث، وهل ترك الجدال في أمور الدين ولو كان الحق معك، يدخل في مفهوم هذا الحديث؟
ج(9) الحديث حسن، وقوله: أنا زعيم؛ يعني: أنا كفيل وضامنٌ ببيت في الجنة في ربض الجنة،
لمن ترك المراء وإن كان محقا،
أي: ترك الجدال في الدين، ولو كان على حق؛
لأن الجدال قد يفضي به مثلاً إلى ما لا تحمد عقباه،
وأقل ما فيه: أن تماري صاحبك وتغضبه،
فتكون حزازات في النفوس، وإحن، وضغائن،
فتركُ المراء والجدال مطلوب، فلا ينبغي للإنسان أن يماري،
ومن ذلك قول الله تعالى في الحج: { فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (البقرة 197)
فالجدال هو المراء.
س(10) أحسن الله إليكم. هذا السائل يقول: ما المقصود بقوله: ومن لم يعرف تفسير الحديث ويبلغه عقله فقد كفي ذلك وأحكم له؟
ج(10) يعني: عليه أن يُسَلِّمَ إذا بلغه لفظ الحديث،
لكن إن لم يفهم معناه وتفسيره، فإن عليه أن يسلم لله ولرسوله؛
لأنك إن لم تكن قد عقلتها وفهمتها، فقد يعلمُها غيرك،
فأنت مكفي؛ أي: يكفيك في هذا المقام أن تُسَلِّمَ، وتؤمن
وتقول: آمنت بالله، وبما جاء عن الله، وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله،
كما رُوي هذا عن الإمام الشافعي، أنه قال:
آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله،
وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله، على مراد رسول الله عليه الصلاة والسلام.
س(11) أحسن الله إليكم. يقول السائل: هل نُكَفِّر الأشاعرة بسبب تذبذبهم بين أهل السنة والمعتزلة؟
ج(11) لا، الأشاعرة ما كفرهم العلماء؛ بل جعلوهم من أهل البدع؛
لأنهم متأولون، ففَرْقٌ بين الجاحد والمتأول،
فالجاحدُ : الذي يجحد؛ وهذا كافر،
كالشخص الذي يجحد قوله تعالى : { الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ ﴿٥﴾} (طه 5)
ويقول: الرب لم يستو على العرش؛ فهذا كافر؛ لأنه كذب الله؛ومن كذب الله: كفرَ،
لكن إذا شخص يقول في قوله تعالى: { الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ ﴿٥﴾} (طه 5)
هذا كلام الله، وأنا أؤمن به، لكن معنى استوى استولى؛ لأنه لا يليق بالله أن يستوي. فهذا لديه شبهة،
فمثل هذا لا يكفر؛ لأنه متأول؛ يقول لا يليق بالله أن يستوي؛لأنه إذا استوى شابه المخلوق.
فهذا مبتدع؛ لا يكفر.
لكن الفرق بينه وبين الأول: ينكر الاستواء، يقول: لم يستو على العرش،
فهذا كما سبق كافر؛ لأنه مكذب لله، ومكذب للقرآن ،
ومن كذب الله كفر. فالأشاعرة متأولون، ولهم شبهة، والمتأول لا يكفر.
س(12) أحسن الله إليك. يقول: هل ثبت أن أبا الحسن الأشعري رجع عن قوله أم لا؟
وهل ترحم عليه شيخ الإسلام -رحمه الله-؟
ج(12) نعم ثبت أن أبا الحسن الأشعري -رحمه الله- رجع عن معتقد الأشاعرة.
وأبو الحسن الأشعري له أطوار،
فقد كان على مذهب المعتزلة وجالسهم مدةً طويلة يقال: جالسهم أربعين سنة،
🌱ثم أعلن رجوعه، وجلس على منبر الجامع،
وقال لهم: إني راجع عن مذهبي، وإني منخلع من الأقوال والآراء التي تذكرونها كما أخلع هذا الثوب.
وخلع ثوباً عليه، ثم صار إلى مذهب ابن كُلاَّب،
وهو إثبات الصفات الذاتية، وتأويل الصفات الفعلية،
🌱ثم تحول إلى مذهب أهل السنة والجماعة،
كما يدل على ذلك كتابه "الإبانة"، وهو آخر ما كتب، واسمه"الإبانة في أصول الديانة"،
وقال فيه: إنه على معتقد الإمام أحمد بن حنبل، وأثنى على الإمام أحمد، وترحم عليه، وترضَّى عنه،
وصرَّح بأنه: الإمام الكبير؛ والإمام المبجل؛ والإمام المفخم، رحمه الله ورضي عنه،
وقال: نحن على مذهبه في كذا وكذا وكذا.
هذا تجدونه وتقرؤونه في كتابه: "الإبانة في أصول الديانة"،
لكن بقيت عليه أشياء يسيرة؛ بسبب طول مكثه في المذهب الأول،
وإلا في الجملة فقد رجع إلى معتقد أهل السنة والجماعة،
لكن أتباعه بعضهم لم يرجعوا، بل استمروا على المذهب السابق.
س(13) أحسن الله إليكم. يقول السائل: لو ترشدونا إلى أفضل الكتب في أصول المعتزلة والأشاعرة والجهمية؟
ج(13) لا ننصحك بأن تذهب إلى أصول الأشاعرة والمعتزلة، بل لا تقرأ فيها أصلا،
وننصحك بكتب أهل السنة والجماعة،
أما أصول المعتزلة، فمعروفة في كتب المعتزلة،
وكتب الأشاعرة تجدها في بعض المكتبات، في دواليب خاصة،
وكذلك مصنفات المعتزلة الذين يقولون بالأصول الخمسة، كالقاضي عبد الجبار المعتزلي.
فلا ننصحك بقراءة كتبهم، يكفي أن تعرف عن المعتزلة من كتب أهل السنة والجماعة،
حينما يردون عليهم، ويبينون مذاهبهم الباطلة،
فلا ننصح بالرجوع إلى كتبهم إلا لطالب علم، أو عالم يريد أن يرد عليهم، فلا بأس أن يرجع إلى كتبهم،
أما طالب العلم المبتدئ، فلا ننصحه بالرجوع إلى كتب الأشاعرة، ولا كتب المعتزلة؛
لأنه قد يزل ويضل، وتَعْلَقَ به شبهة، لا يستطيع الرد عليها، ولا يجد لها دفْعاً.
س(14) أحسن الله إليكم. يقول السائل: ما هي الكتب التي تنصحونا بها فيما يتعلق بسيرة الصحابة رضي الله عنهم؟
ج(14) سيرة الصحابة رضوان الله عليهم تأخذها من القرآن ومن السنة،
فمن القرآن الكريم؛ كقوله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَفَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَلِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴿٢٩﴾} (الفتح 29)
ترجع أيضا إلى سيرهم في كتب السنة 🌿كالصحيحين - البخاري ومسلم –
تجد فيها مناقب الصحابة، كمناقب الصديق، مناقب عمر، ومناقب عثمان، مناقب علي رضي الله عنه،
🌿وكذلك في مسند الإمام أحمد، وفي السنن الأربع،
🌿وكذلك في كتب السير، كسيرة ابن هشام، وهي من أمثل ما كتب في هذا الباب،
🌿وكذلك أيضا البداية والنهاية لابن كثير، فيها ذكر سير الصحابة،
🌱وكذلك العواصم من القواصم لابن عربي كتاب جيد، ذكر فيه ما حصل للصحابة،
🌱وكذلك مختصر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم للإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وهو كتاب عظيم في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم،
🌱وكذلك مختصر السيرة لابنه عبد الله، وغير ذلك.
وفق الله الجميع لطاعته، وثبت الله الجميع على هداه، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
No comments:
Post a Comment