🌴الدرس (58) لكتاب شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى تأليف الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي حفظه الله،
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،
تابع : 🌸بغض الصحابة والإساءة إليهم بقول أو فعل :
فالمسلم عليه أن يتبرأ من طريقة النواصب والخوارج ،
الذين ينصبون العداوة لأهل البيت : علي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ؛
فالخوارج يؤذونهم ، والروافض : يعبدون أهل البيت ، ويكفرون الصحابة ،
فكل هؤلاء ضُلّال ، والحق مع أهل السنة والجماعة ، الذين يترضون عن الصحابة ، ويوالون أهل البيت ،
لكن لا يعبدونهم كما تفعل الروافض ،
بل ينزلونهم منزلتهم التي دلت عليها النصوص ، لا بالهوى والعصبية، بل بالعدل والإنصاف .
ثم نقول لهؤلاء الذين يقولون: إنَّ الصحابة ارتدوا بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- وكفروا .
ثم نقول لهم : من هم الذي نقلوا إلينا الشريعة ؟!
أليسوا هم الصحابة ؟ فكيف نثق بدين نقله الكفرة ؟!
فهؤلاء الصحابة رضي الله عنهم الذين يقولون بكفرهم ، هم الذين شاهدوا الوحي ،
نقلوا لنا الكتاب والسنة ،
وهؤلاء الروافض الذين يريدون أن يجرحوا أولئك الشهود العدول ، إنما يريدون إبطال المشهود له ، وهو الكتاب والسنة ، ويريدون إبطال الدين .
فالطعن فيهم ، طعنٌ في الإسلام ، وطعن في الدين ، وسعي لهدمه .
ولهذا روي عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال: "من سب الشيخين أبا بكر وعمر كفر" ،
وكذلك سائر الصحابة ، عاصيا ، ومن كفرهم جميعاً فقد كَذَّبَ الله ، ومن كَذَّبَ الله كفر ؛
لأن الله زكاهم ، وعدَّلهم ،ووعدهم الجنة
كما قال تعالى :🌹 {وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ ۚ } (النساء 95) ،
وقال : 🌹{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (الفتح 29) ،
وفي الحديث : 🍀"لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة" (أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وأحمد وابن حبان) .
قال تعالى :🌹 { لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} (الفتح 18) .
فهذا هو التفضيل في من سب الواحد منهم ، إن كان سَبَّه لدينه : كَفَر، وإن سَبَّه للغيظ والغضب : فَسَقَّ .
فأهل السنة والجماعة يوالون الصحابة جميعاً ، ويترضون عنهم ، وينزلونهم منزلتهم التي أنزلهم الله إياها ،
بالعدل والإنصاف ، لا بالهوى والتعصب ،
ويتبرءون من طريقة الروافض الذين يكفرون الصحابة ، ويعبدون أهل البيت ،
ومن طريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت وينصبون لهم العداوة .
وأما الحروب والخلافات التي حدثت بين الصحابة، فموقف أهل السنة منها هو :
الترضي عنهم ، والإمساك عن الخلافات التي حدثت بينهم، وعدم إشاعتها ، وعدم ذكرها ؛
لأن إشاعتها تجعل في القلوب شيئاً على الصحابة ،
وأمَّا ما صدر عنهم من الخلاف ، فالأمر فيه كما قال شيخ الإسلام رحمه الله في العقيدة الواسطية:
أن الخلاف الذي حدث بين الصحابة منه ما هو كذب لا أساس له من الصحة ،
ومنه ما له أصل لكن زيد فيه ونقص وغُيِّرَ عن وجهه ،
ومنه ما هو صحيح ،
والصحيح : هم فيه ما بين مجتهد مصيب له أجران ،
وما بين مجتهد غير مصيب له أجر واحد، والصحابة ليسوامعصومين ؛
بل قد يقع من الواحد منهم كبيرة ،
لكن إذا وقعت الكبيرة فهو إما أن يوفق للتوبة التي يمحو الله بها الذنب،
أو تقع عليه مصائب يُكَفِّرُ الله بها ذنبه ،
أو تكون له حسنات ماحية،
أو يشفع له فيها النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة إذا أذن الله له بذلك ،
فهم أولى الناس بشفاعته في مثل هذه الذنوب المحققة .
وينبغي للمسلم حتى يَسْلَمَ في هذا الباب ، أن يقرأ في كُتب أهل النسة والجماعة مثل :
العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام رحمه الله ،
فهي تشمل معتقد أهل السنة والجماعة ، وهي عقيدة مختصرة ،
وكتاب العواصم من القواصم ، وهو كتاب جيد لابن العربي ، المالكي ،
وكتاب مختصر السيرة للإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ،
ومختصر السيرة لابنه عبد الله ،
فهذه كتب جيدة في هذه المباحث .
ونُحَذّر من الأشرطة التي تُنشر وفيها سبٌّ الصحابة ،
مثل: أشرطة طارق السويدان ، فإنه يذكر فيها الخلاف الذي حدث بين الصحابة ،
فَيَمْتَلِئ قلبُ المستمعُ غُصة على الصحابة ،
فأشرطة هذا الرجل لا ينبغي نشرها ، وقد حذرنا منها ومنه قديماً ،
وحذَّرَ منه سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله وغيره،
لكن طارق السويدان له بعض الأشرطة فيها كلام طيب لكن عليها بعض الملحوظات ؛
لكن أشرطته عن الصحابة بالذات فهذه لا ينبغي سماعها،
بل ينبغي إتلافها ومحوها ، حتى لا تنتشر ؛ لأن هذا خلاف معتقد أهل السنة والجماعة.
فعلى طارق السويدان ومن حذا حذوه أن يستغفر ربه ،
وأن يتراجع عما قاله عن الصحابة ،
وأن يعتقد ما يعتقده أهل السنة والجماعة ، ويسلك مسلكهم.
********************
No comments:
Post a Comment