🌴الدرس (60) لكتاب شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى تأليف الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي حفظه الله،
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،
🌸النفاق هو الكفر :
لكن المصيبة العدو الخفي: الذي يظهر الإسلام ويُبطن الكفر يعيش بين المسلمين،
ويدبر المكائد للقضاء على الإسلام والمسلمين،
ولذلك صار عذابهم أشد؛ في دركةٍ سفلى تحت دركة اليهود والنصارى،
قال الله تعالى: 🌹{ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} (النساء 145) ،
لأنهم وافقوا اليهود والنصارى، والوثنيين في الكفر، وزادوا في الخداع؛ فزاد عذابهم،
قال الله تعالى عنهم :🌹 { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللهَّ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ} (البقرة 8) ،
يعني : يقولونه بألسنتهم فقط ، دون مطابقة ما يقولونه لقلوبهم ،
والحقيقة : 🌹{وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ} (البقرة 8) ، أي بقلوبهم ،
وقال :🌹{ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ۗ } (المنافقون 1)، يعني : هذه الشهادة في الظاهر ،
ثم قال في آخرها : 🌹{وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} (المنافقون 1) ، في الباطن،
وكانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم رئيسهم عبد الله بن أُبيّ بن سلول .
ثم بعد ذلك صار يسمى المنافق، بعد الرسول -عليه الصلاة والسلام-: زنديقا،
الزنديق كلمة فارسية في الأصل،
وكذلك يطلق الزنديق على الجاحد المعطل،
ثم صاروا يُسَمَّون في زمننا الآن ب (العلمانيين) ،
فالعلمانيون هم المنافقون، الذين يعيشون بين المسلمين ،
وهم يدبرون المكائد للقضاء على الإسلام والمسلمين،
ويتصلون بالكفرة وباليهود، وبالنصارى ،
ويسعون لنشر الفساد والشر بين المسلمين ،
هؤلاء العلمانيون هم المنافقون، وهم الزنادقة،
وهم في كل وقت يُوجَدون ،
ولكن كونهم الآن لا يُظهرون كفرهم ؛
فهذا دليل على قوة المسلمين، وقوة أهل الخير، وقوة أهل الصلاح ، فالحمد لله على ذلك .
لكن لما كان النبي صلى الله عليه وسلم في مكة ، لم يكن فيها منافقون ؛
لأن الكفار كانوا هم الأقوياء ، وكانوا يظهرون كفرهم،
لكن بعد غزوة بدر؛ لما أعز الله الإسلام وأهله، ونصر الله نبيه وحزبه،
وقُتل سبعون من صناديد قريش ، وأُسِرَ سبعون،
أظهر عبد الله بن أبيّ ومن معه من المنافقين الإسلام وأبطن الكفر؛
خوفاً على أنفسهم ، وأموالهم ..
إذاً : نَجَم النفاق وظهر بعد غزوة بدر ، بعد قوة المسلمين .
وكفر النفاق أنواع منها:
🌱النوع الأول: تكذيب الله في الباطن .
🌱الثاني: التكذيب ببعض ما جاء عن الله عز وجل.
🌱والثالث: تكذيب الرسول -عليه الصلاة والسلام-.
🌱الرابع: التكذيب ببعض ما جاء به الرسول -عليه الصلاة والسلام-.
🌱الخامس: بغض الله.
🌱السادس: بغض رسول الله صلى الله عليه وسلم .
🌱السابع: السرور والفرح بضعف الإسلام والمسلمين، وانخفاض دين الرسول -عليه الصلاة والسلام- فإذا ضعف الإسلام والمسلمين ؛ فرح واستبشر.
🌱الثامن: الكراهية لانتصار الإسلام والمسلمين،
فإذا انتصر الإسلام والمسلمون ؛ كره ذلك .
وإن شئت - كما ذكر العلماء – أن تقول: النفاق ستة أنواع :
تكذيب الله؛ تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ بُغض الله، بغض الرسول،
المسرة لانخفاض دين الرسول؛ الكراهية لانتصار دين الرسول، هذه ستة أنواع ،
صاحبها في الدرك الأسفل من النار،
من اتصف بواحد من هذه الأمور الستة ، فهو في الدرك الأسفل من النار؛
تحت اليهود والنصارى ، وهو كافر كفر النفاق الذي هو نوع من أنواع الكفر الأكبر .
🚫النوع الثاني: كفر الجحود والتكذيب ، كأن يكذب الله ، ويكذب رسوله،
والأدلة على هذا كما تقدم ؛
قوله تعالى :🌹 { إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ۗ } (المنافقون 1)
وقوله :🌹 { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّه وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ} (البقرة 8) .
🚫الثالث : كفر التكذيب والجحود ؛ فيكذِّب ويجحد في الظاهر والباطن،
فيكون الفرق بينه وبين كفر النفاق، أن الجحود كفر النفاق في الباطن، لا في الظاهر ،
وأما كفر الجحود والتكذيب فهو جحودٌ وتكذيبٌ في الظاهر والباطن،
قال الله تعالى: 🌹{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ} (البقرة 8) .
وقال :🌹 {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ ۚ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ} (العنكبوت 68) ،
🚫الرابع : كفر الإباء والاستكبار مع التصديق،
وهو : أن يقابل أمر الله، أو أمر رسوله بالإباء والاستكبار ،وإن كان مصدقا، مثل كفر إبليس ؛
فهو مصدق لكن قابل أمر الله بالإباء والاستكبار،
قال الله تبارك تعالى:🌹 {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ} (البقرة 34) .
فمن استكبر عن عبادة الله ، كما استكبر إبليس ؛ فهو كافر .
ومثل ذلك : كفر فرعون ، لأنه مستكبر
كما ذكر الله عنه أنه قال :🌹 {فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ} (المؤمنون 47) ،
ومنه أيضاً : كفر اليهود كما قال تعالى :🌹 {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ } (البقرة 87) .
---------------------------