🌴الدرس (62) لكتاب شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى تأليف الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي حفظه الله،
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،
🌸النفاق هو الكفر :
وهنا أيضاً : الظلم الأكبر المخرج من الملة، وهو ظلم الشرك والكفر،
وأما الظلم الأصغر فهو ظلم المعاصي، وكذلك الفسق، يكون فسقا أكبر وهو فسق الكفر ،
كما في قوله تعالى : 🌹{ وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۖ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ} (البقرة 99) ،
والفسوق الأكبر يخرج من الملة مثاله : فِسْقُ إبليس ، المذكور في قوله تعالى :🌹 {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ } (الكهف 50) ،
يعني فسق فسوق كفر.
وهناك أيضاً : الجهل الأكبر المُخرج من الملة،
وهو : جهل الكفر والشرك،
ويقابل هذه الأنواع من الكفر الأكبر ، والشرك الأكبر ،
والظلم الأكبر ، والفسق الأكبر ، والجهل الأكبر ، والنفاق الأكبر ،
يقابلها : الكفر الأصغر، والشرك الأكبر، والظلم الأصغر، والفسق الأصغر ، والجهل الأصغر ، والنفاق الأصغر .
وهو في هذه الأنواع كلها ، غير مخرج من الملة .
فكل ما ورد تسميته من الذنوب شركاً ، ولم يصل إلى حد الشرك الأكبر ، وليس ناقضاً للإسلام ، لا شركاً في العبادة ؛ فإنه يكون شركاً أصغر ،
وكذلك ما اعتُبر تسميته من الذنوب كُفراً ، وليس واحداً من أنواع الكفر الخمسة ؛ فهو أصغر .
وكذلك الظلم الأصغر ، هو ما ورد تسميته من الذنوب ظلما، ولم يصل إلى حد الظلم الأكبر .
وكذلك القول في الفسق، والجهل .
والمؤلف رحمه الله ذكر من أنواع الكفر الأكبر: النفاق،
وقال : "النفاق هو الكفر ، أن يكفر بالله ويعبد غيره، ويظهر الإسلام في العلانية،
مثل المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛
يعني : عبد الله بن أبي وغيره .
ثم ذكر الكفر الأصغر ، فقال : " وقوله: "ثلاثٌ من كن فيه فهو منافق " هذا على التغليظ".(حديث صحيح : أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأحمد) ،
المذكور في هذا الحديث ، هو النفاق الأصغر ،
والحديث رواه الإمام مسلم ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :🍀 " ثلاثٌ من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان " (حديث صحيح أخرجه مسلم) ،
وفي رواية أخرى: 🍀"آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان " (حديث صحيح أخرجه البخاري) ،
وفي الحديث الصحيح عن عبدالله بن عمرو مرفوعاً : 🍀" أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن"
وفي رواية: "خلة منهن " ،🍀 " كانت فيه خلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا واعد أخلف، وإذا خاصم فجر " (حديث صحيح : أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي) .
هذا الحديث ذكر فيه النفاق الأصغر؛ وهو نفاق في العمل،
وأما النفاق الأكبر ، فإنه يكون في القلب، كما سبق تعريفُهُ ،
وهذا النفاق الأصغر لا يخرج من الملة،
ومن أمثلته : أن صاحبه إذا حدث كذب، إذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان ، وإذا خاصم فجر ،
وهو أنواع ؛ هذا أبرزها .
وفي حديث عبد الله بن عمرو: 🍀"أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا واعد أخلف، وإذا خاصم فجر " (حديث صحيح) ،
قال العلماء: كل واحد من هذه الخصال معصية،
لكن إذا اجتمعت في الإنسان الأربع كلها، واستحكمت وكملت ؛ فإنها تجره إلى النفاق الأكبر،
ولهذا قال: 🍀"أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها" (حديث صحيح) ،
وأشار المؤلف إلى أن حديث : 🍀"ثلاث من كن فيه فهو منافق" (حديث صحيح) ،
قيل على سبيل التغليظ ؛
يعني : أن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يتوعد صاحب المعاصي، ويبيّن عِظَمَهَا ،
ولم يُرد أنها نفاق أكبر ؛ لأن النفاق الأكبر قد بينه المؤلف فيما سبق ،
وهو : أن يكفر بالله ويعبد غيره في الباطن ، ويُظهر الإسلام في العلانية مثل المنافقين ،
وأما الخصال الواردة في حديث : 🍀" ثلاث من كن فيه كان منافقا ".
فهذه معاصٍ وكبائر، سماها النبي نفاقاً ، للتغليظ والوعيد ،
وهي لا تصل إلى حد الأكبر ، ولا تخرج من الملة، لكن من الكبائر.
وقول المؤلف الإمام: "نرويها كما جاءت ولا نفسرها"،
يعني : لا نفسرها تفسيرا يخالف ظاهرها، بل تُروى كما جاءت ، حتى تفيد الزجر والوعيد ، كما يقول أهل العلم ،
ولكن نُبيِّنُ أنها لا تُخرج من الملة لمن قد يحتاجُ إلى معرفة ذلك من أهل العلم ،
لكن لا تفسر للعامة ، وتترك هكذا ؛ حتى تفيد الزجر،
ولهذا قال: "هذا على التغليظ نرويها كما جاءت ولا نفسرها" ؛
ولا نفسرها أيضاً تفسيرا يخالف ظاهرها .
---------------------------------